والملكة راسخة في النفس لا تزول بسرعة وهي قسمان : أحدهما طبيعية والآخر عادية .
أما الأولى : فهي أن يكون مزاج الشخص في أصل الفطرة مستعدا لكيفية خاصة كامنة فيه بحيث يتكيف بها بأدنى سبب كالمزاج الحار اليابس بالقياس إلى الغضب والحار الرطب بالقياس إلى الشهوة والبارد الرطب بالنسبة إلى النسيان والبارد اليابس بالنسبة إلى البلادة .
وأما العادية فهي : أن يزاول في الابتداء فعلا باختياره وبتكرره والتمرن عليه يصير ملكة حتى يصدر عنه الفعل بسهولة من غير روية .
ففائدة هذا العلم بالقياس إلى الأولى إبراز ما كان كامنا في النفس وبالقياس إلى الثانية تحصيلها وإلى هذا يشير ما روي عن النبي - A - : ( ( بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) ) ولهذا قيل : إن الشريعة المصطفوية قد قضت الوطر عن أقسام الحكمة العملية على أكمل وجه وأتم تفصيل انتهى .
وفيه كتب كثيرة منها : ( ( أخلاق الأبرار والنجاة من الأشرار ) ) لأبي حامد الغزالي وأخلاق الشيخ الرئيس وأخلاق راغب وأخلاق علائي وأخلاق عضد الدين الأيجي وأخلاق فخر الدين الرازي وأخلاق الناصري ورسائل إخوان الصفا وخلان الوفا وأخلاق جلالي للمحقق الدواني .
وعبارة ( ( مدينة العلوم ) ) ومن الكتب المختصرة فيه كتاب ( ( البر والإثم ) ) لأبي علي ابن سينا ( 2 / 34 ) و ( ( كتاب الفوز ) ) لأبي علي مسكويه .
ومن المبسوطة كتاب الإمام فخر الدين بن الخطيب الرازي انتهى .
قلت : وقد قضت الشريعة المصطفوية حق علم الأخلاق فلم تدع لأحد فيه مثالا يقوله وكلاما يتلكم به فالكتاب والسنة يكفيان لمن يريد إدراك هذا العلم والتحلي به عن تلك الكتب المشار إليها فإن الصباح يغني عن المصباح