( ومما نقمته المقالصة على المهرية أنهم زعموا أن خالد القسري حمل مهرا على بغلة وختمه بخاتم فضة وخلع عليه ثياب وشي وكان رئيس المقالصة في أيام المأمون والمعتصم أبو علي سعيد ثم خلفه بعد كاتبه نصر بن هرمزد السمرقندي وكانوا يرخصون لأهل المذهب والداخلين فيه أشياء محظورة في الدين وكانوا يخالطون السلاطين ويواكلونهم وكان من رؤسائهم أبو الحسن الدمشقي وقتل مانى في مملكة بهرام بن سابور ولما قتله صلبه نصفين النصف الواحد على باب والآخر على باب آخر من مدينة جنديسابور ويسمى الموضعين المار الأعلى والمار الاسفل ويقال انه كان في محبس سابور فلما مات سابور أخرجه بهرام ويقال بل مات في الحبس والصلب لا شك فيه وحكى بعض الناس أنه كان أحنف الرجلين وقيل الرجل اليمنى ومانى ينتقص سائر الأنبياء في كتبه ويزرى عليهم ويرميهم بالكذب ويزعم أن الشياطين استحوذت عليهم وتكلمت على ألسنتهم بل يقول في مواضع من كتبه إنهم شياطين فاما عيسى المشهور عندنا وعند النصارى فيزعم أنه شيطان ) .
قول المانوية في المعاد قال مانى إذا حضرت وفاة الصديق أرسل اليه الإنسان القديم إلها نيرا بصورة الحكيم الهادي ومعه ثلاثة آلهة ومعهم الزكوة واللباس والعصابة والتاج واكليل النور ويأتي معهم البكر الشبيهة بنسمة ذلك الصديق ويظهر له شيطان الحرص والشهوة والشياطين فإذا رآهم الصديق استغاث بالالهة التي على صورة الحكيم والآلهة الثلاثة فيقربون منه فإذا رأتهم الشياطين ولت هاربة وأخذوا ذلك الصديق وألبسوه التاج والاكليل واللباس وأعطوه الركوة بيده وعرجوا به في عمود السبح الى فلك القمر والى الإنسان القديم والى النهنهة أم الاحياء الى ما كان عليه أولا في جنان النور ثم يبقى ذلك الجسد ملقى فتجتذب منه الشمس والقمر والآلهة النيرون القوي التي هي الماء والنار والنسيم فيرتفع الى الشمس ويصير إلها ويقذف باقي جسده التي هي ظلمة كله الى جهنم فأما الإنسان المحارب القابل للدين والبر الحافظ لهما وللصديقين فإذا حضرت وفاته حضر أولئك الآلهة الذين ذكرتهم وحضرت الشياطين واستغاث ومت بما كان يعمل من البر وحفظ الدين والصديقين فيخلصونه من الشياطين فلا يزال في العالم شبه الإنسان الذي يرى في منامه الأهوال ويغوص في الوحل والطين فلا يزال كذلك الى أ أن يتخلص نوره وروحه ويلحق بملحق الصديقين ويلبس لباسهم بعد المدة الطويلة من تردده فاما الإنسان الاثيم المستعلي عليه الحرص والشهوة فإذا حضرت وفاته حضرته الشياطين فاخذوه وعذبوه وأروه الأهوال فيحضر أولئك الآلهة ومعهم ذلك اللباس فيظن الإنسان الاثيم انهم قد جاءوا لخلاصه وانما حضروا لتوبيخه وتذكيره أفعاله والز الحجة في ترك إعانته الصديقين ثم لا يزال يتردد في العالم في العذاب الى وقت العاقبة فيدحى به في جهنم قال مانى فهذه ثلاث طرق يقسم فيه نسمات الناس أحدها الى الجنان وهم الصديقون والثاني الى العالم والاهوال وهم حفظة الدين ومعينو الصديقين والثالث الى جهنم وهو الإنسان الاثيم