@ 246 @ | إلى الآية 28 ] | | ! 2 < ولكل درجات > 2 ! لما ذكر السابقين وعقبهم بذكر من يقابلهم من المطرودين الذين | حق عليهم القول وبين أن الفريق الأول في عداد السعداء والفريق الثاني من جملة | الأشقياء . تناول الكلام الأصناف السبعة المذكورة في أول الكتاب للتصريح بذكر | الصنفين اللذين هما الأصل في الإيمان والكفر ، والتعريض بذكر الخمسة الباقية فقال : | ! 2 < ولكل درجات مما عملوا > 2 ! أي : ولكل صنف من أصناف الناس درجات من جزاء | أعمالهم من أعلى عليين إلى أسفل سافلين ، وغلب الدرجات على الدركات بل لكل | أحد من كل صنف رتبة ومقام وموقع قدم من إحدى الجنان أو طبقات النيران . | | ! 2 < أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا > 2 ! أنكر عليهم إذهاب جميع الحظوظ في لذات | الدنيا لأن لكل أحد بحسب استعداده الأول كمالاً ونقصا يقابله ، وبحسب وقت تكونه في | هذا العالم سعادة عاجلة وشقاوة تقابلها فله بحسب كل واحدة من النشأتين طيبات وحظوظ | تناسب كلا كمالية ، فمن أقبل بوجهه على طيبات الدنيا وحظوظها والاستمتاع بها وأعرض | بقلبه عن طيبات الأخرى ولذاتها حرم الثانية أصلا لانغماسه في الأمور الظلمانية واحتجابه | عن المطالب النورانية ، كما قال تعالى : ^ ( ربنا ءاتنا في الدنيا وما له في الآخرة من | خلاق ) ^ البقرة ، الآية : 200 ] ، وذلك معنى قوله : ! 2 < أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا > 2 ! لأن | حظوظ الأخروية التي تقتضيها هويته ذهبت في هذه ، فكأن ما زاد في النهار نقص من | الليل . وأما من أقبل بوجهه إلى الأخرى وتنزه عن هذه بالزهد والتقوى ورغب في | المعارف الحقيقية والحقائق الإلهية واللذات العلوية والأنوار القدسية التي هي الطيبات | بالحقيقة فقد أوتي منها حظه ولم ينقص من حظوظه العاجلة على قياس الأول بل وفر | منها نصيبه كما قال : ! 2 < من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب > 2 ! [ الشورى ، الآية : 20 ] وذلك لأن الاستغراق | في عالم القدس والتوجه إلى جناب الحق يورث النفس قوة وقدرة تؤثر بها في عالم | الحس ، فكيف إذا اتصلت بمنبع القوى والقدر ؟ أما ترى أن عالم الملكوت مؤثر في | عالم الملك متصرف فيه ، قاهر له بإذن الله تعالى ؟ ، وتسخيره والانهماك في عالم الحس | يخمد قوة الفطرة ويطفئ نور القلب فلا تبقى له قدرة ولا قوة ولا تأثير في شيء ، | وكيف وقد تأثرت عما من شأنه التأثر المحض وتسخرت لما من شأنه التسخر الصرف | والانفعال المطلق ؟ ، ولهذا قيل : الدنيا كالظل تتبع من أعرض عنها وتفوت من أقبل |