@ 233 @ | فالدخان هو حجاب الأنية الذي يغشى الناس عند ظهور نور الوحدة بطغيان النفس | لانتحال صفات الربوبية وغلبة سكرة يوم الجمع المورثة للإباحة إذ هو من بقية النفس | الأرضية اللطيفة بنور الوحدة المرتقبة إلى محل الشهود التي تأتي بها سماء الروح لتأثيره | فيها بالتنوير إذ لم تحترق بالكلية بنار العشق بل صفت وتلطفت وتصعدت . فأما المؤمن | بالإيمان الحقيقي الموحد التام الاستعداد ، المحب الغالب المحبة ، فيصيبه كهيئة | الزكمة ، أي : السكرة التي قال فيها أبو زيد قدس الله روحه : سبحاني ما أعظم شأني . | والحسين بن منصور رحمه الله : أنا الحق . ثم يرتفع عنه سريعا لمزيد العناية الإلهية وقوة | الاستعداد الفطرية وشدة المحبة الحقيقية ، فيتنبه لذلك ويتعذب به غاية التعذب ويشتاق | إلى الانطماس في عين الجمع غاية الشوق ، فيقول : هذا عذاب أليم ، ويطلب الفناء | الصرف ، كما قال الحلاج قدس الله روحه : | % ( بيني وبينك أني ينازعني % فارفع بفضلك أني من البين ) % | | ويدعو بلسان التضرع والافتقار : ! 2 < ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون > 2 ! [ الدخان ، | الآية : 12 ] بالإيمان العيني عند كشف الحجاب الآني ، ! 2 < أنى لهم الذكرى > 2 ! من أين لهم | ذكر الذات والإيمان العيني في مقام حجاب الأنائية ، ! 2 < وقد جاءهم رسول مبين > 2 ! أي : | رسول العقل المبين لوجوداتهم وصفاتهم ، أي : إنما احتجبوا بحجاب الآنية لظهور | العقل وإثباته لوجوداتهم ، فكيف ذكرهم للذات تعجب من تذكرهم مع كونهم عقلاء ثم | بين كونهم عشاقا مشتاقين بقوله : ! 2 < ثم تولوا عنه > 2 ! لقوة المحبة وفرط العشق ! 2 < وقالوا معلم > 2 ! أي : من عند الله بإفاضة العلم عليه ! 2 < مجنون > 2 ! مستور الإدراك ، محجوب عن | نور الذات ، كما قال جبريل عليه السلام : ' لو دنوت أنملة لاحترقت ' . ! 2 < إنا كاشفو العذاب > 2 ! أي : عذاب الحجاب والحرمان لإعراضهم بقوة العشق عن الرسول قليلا | بطلوع نور الوجه الباقي وإشراق سبحاته وإحراقها ما انتهى إليه بصره من خلقه ! 2 < إنكم عائدون > 2 ! بالتلوين إلى الحجاب بعد تجلي نور الذات لبقية الآثار إلى وقت التمكين | ! 2 < يوم نبطش البطشة الكبرى > 2 ! أي : وقت الفناء الكلي والانطماس الحقيقي بحيث لا عين | ولا أثر ! 2 < إنا منتقمون > 2 ! أي : ننتقم بالقهر الأحدي والإفناء الكلي من وجوداتهم وبقاياهم | فيطهرون عن الشرك الخفي بالوجود الأحدي . وأما الكافر ، أي : المحجوب عن نور | الذات ، الممنو بحجب الصفات ، المحروم عن الطمس عن عين الجمع بتوهم الكمال | فيبقى في مقام الأنائية ويتفرعن وراء حجاب الأنائية كما قال اللعين : ! 2 < أنا ربكم الأعلى > 2 ! [ النازعات ، الآية : 24 ) ^ ^ ( ما علمت لكم من إله غيري ) ^ [ القصص ، الآية : 38 ] ، | فيخلع عن عنقه ربقة الشريعة ويسير بسيرة الإباحة ويتجسر على المخالفات ويتزندق | بارتكاب المعاصي وتركه الطاعات ، فيكون من شرار الناس الذين قال فيهم : ' شر الناس |