@ 28 @ | الله بالسامري ليتميز المستعد القابل للكمال بالتجريد من القاصر الاستعداد المنغمس في | المواد الذي لا يدرك إلا المحسوس ولا يتنبه للمجرد المعقول . ولهذا قالوا : ^ ( وما أخلفنا | موعدك بملكنا ) ^ أي : بأن ملكنا أمرنا وخلينا ورأينا ، فإنهم عبيد بالطبع لا رأي لهم ولا | ملكة وليسوا مختارين بل مطبوعون مسوسون مقودون بدنيون لا طريق لهم إلا التقليد | والعمل ، لا التحقيق والعلم . وإنما استعبدهم بالطلسم المفرع من الحلي لرسوخ محبة | الذهب في طباعهم لكون نفوسهم سفلية منجذبة إلى الطبيعة الذهبية ، وتجلي تلك | الصورة النوعية فيها للتناسب الطبيعي وكان ذلك من باب مزج القوى السماوية بالقوى | الأرضية ولذلك قال : ! 2 < بصرت بما لم يبصروا به > 2 ! من العلم الطبيعي والرياضي اللذين | يبتنى عليهما علم الطلسمات والسيميات . | | ! 2 < فقبضت قبضة من أثر الرسول > 2 ! وهي على ما قيل : تراب موطئ حافر الحيزوم | الذي هو فرس الحياة مركب جبرائيل ، أي : مما اتصل به اثر النفس الحيوانية الكلية | السماوية المسخرة للعقل الفعال ، المتأثرة منه ، الحاملة لصفاته التي هي بمثابة مركبة | لاستعلائه عليها ووصول تأثيره إلى الطبائع العنصرية والأجرام السفلية بواسطتها من | الأوضاع التي تفيض بسببها الآثار على المواد ، فتنفعل منها بحسب الاستعداد وتقبل | الأحوال الغريبة التي هي بمثابة تراب موطئ مركبه ! 2 < فنبذتها > 2 ! فطرحتها على الجرم | المذاب عند الإفراغ في صورة العجل وذلك من تسويل النفس الشيطانية الشريرة . | ^ ( قال فاذهب فإن لك في الحيوة أن تقول لا مساس وإن لك موعدا لن تخلفه وانظر إلى | إلهك الذي ظلت عليه عاكفا لنحرقنه ثم لننسفنه في اليم نسفا ) ^ . | | وقوله : ! 2 < فاذهب > 2 ! صادر عن غضبه عليه السلام وطرده إياه ، وإنما يجب حلول | العذاب من غضب الأنبياء والأولياء لأنهم مظاهر صفات الله تعالى ، فكل من غضبوا | عليه وقع في قهره تعالى وشقى في الدنيا والآخرة ، وعذب بعذاب الأبد ، وذاق وبال | العمل ، وكانت صورة عذابه في التحرز عن المماسة نتيجة بعده عن الحق في الدعوة إلى | الباطل . وأثر لعن موسى عليه السلام إياه عند إبطال كيده وإزالة مكره . وعلى التطبيق : | إن القلب إذا سبق له كشف وجذبه الاجتهاد والسلوك وحصل عنده الكمال العلمي | الكشفي دون العلمي الكسبي ، يكون في معرض عتاب الحق عند التعجل إلى الشهود | والحضور ، ذاهلا عن أمر الشريعة والمجاهدة ، ويجب أن يرد إلى العمل والرياضة | لسياسة القوى واكتساب مقام الاستقامة ، إذ لا يقوى هارون العقل الذي هو خليفته على | قومه القوى الروحانية والجسمانية على تدبيرهم وتقويمهم وتسديدهم بدون الرياضة | والمجاهدة والمواظبة على الطاعة والمعاملة ، فينبعث سامري القوى النفسانية من | الحواس ويوقد عليها نار حب الشهوات ، ويطرح عليها شيئا من أمداد الطالع بحسب |