@ 388 @ | | ! 2 < ويوم نبعث من كل أمة شهيدا > 2 ! أي : نبعث نبيهم على غاية الكمال الذي | يمكن لأمته الوصول إليه أو التقرب منه والتوجه إليه لإمكان معرفتهم إياه فيعرفونه ، | ولهذا يكون لكل أمة شهيد غير شهيد الأمة الأخرى ، ويعرف كل من قصر وخالف | نبيه بالإعراض عن الكمال الذي هو يدعو إليه ، والوقوف في حضيض النقصان قصوره | واحتجابه فلا حجة له ولا نطق ، فيبقى متحيراً متحسراً ، وهو معنى قوله : ! 2 < ثم لا يؤذن للذين كفروا > 2 ! ولا سبيل له إلى إدراك ما فاته من كماله لعدم آلته ، ولا يمكن أن | يرضى بحاله لقوة استعداده الفطري الذي جبل عليه ، وشوقه الأصلي الغريزي إليه ، | فهو مكظوم لا يستعتب ولا يسترضي . | | ! 2 < وألقوا إلى الله يومئذ السلم > 2 ! أي : الاستسلام والانقياد . وقد جاء إنكارهم | كقوله تعالى : ! 2 < يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم > 2 ! [ المجادلة ، الآية : 18 ] | وذلك بحسب المواقف ، فالإنكار في الموقف الأول وقت قوة هيئات الرذائل وشدة | شكيمة النفس في الشيطنة ، وغاية البعد عن النور الإلهي للاحتجاب بالحجب الغليظة | والغواشي المظلمة حتى لا يعلم أنه كان يراه ويطلع عليه ونهاية تكدر نور الفطرة حتى | يمكنه إظهار خلاف مقتضاه . والاستسلام في الموقف الثاني بعد مرور أحقاب كثيرة | من ساعات اليوم الذي كان مقداره خمسين ألف سنة حين زالت الهيئات ، ورقت | وضعفت شراشر النفس في رذائلها ، وقرب من عالم النور لرقة الحجب ولمعان نور | فطرته الأولى ، فيعترف وينقاد ، هذا إذا كان الاستسلام والإنكار لنفوس بعينها . وقد | يكون الاستسلام للبعض الذين لم ترسخ هيئات رذائلهم ، ولم تغلظ حجبهم ، ولم | ينطفئ نور استعدادهم . والإنكار لمن ترسخت فيه الهيئات وقويت وغلبت عليه | الشيطنة ، واستقرت وكثف الحجاب ، وبطل الاستعداد والله أعلم . | | ! 2 < وجئنا بك شهيدا على هؤلاء > 2 ! قد مر في سورة ( النساء ) ، ! 2 < ونزلنا عليك الكتاب > 2 ! أي : العقل الفرقاني بعد الوجود الحقاني ^ ( تبياناً لكل شيء ) ^ تبييناً وتحقيقاً | لحقية كل شيء ، وهداية لمن استسلم وانقاد لسلامة فطرته إلى كماله ! 2 < ورحمة > 2 ! له | بتبليغه إلى ذلك الكمال بالتربية والإمداد وبشارة له ببقائه على ذلك الكمال أبداً سرمداً | في الجنان الثلاث . | | [ تفسير سورة النحل من آية 91 إلى آية 98