@ 343 @ | البدن التي هيأتها لها النفس في قراها وهو معنى قوله : ^ ( فلما رأينه أكبرنه وقطعن | أيديهن وقلن حاشا لله ما هذا بشراً إن هذا إلا ملك كريم ) ^ وقولها : ! 2 < اخرج عليهن > 2 ! | استجلاؤها لنوره بالإرادة واقتضاؤها طلوعه عليها بحصول استعداد التنور لها . ولما | انخرطت النفس في سلك إرادة القلب ، وقلت منازعتها إياه في عزيمة السلوك ، | وتمرنت لمطاوعته حان وقت الرياضة بالدخول في الخلوة لتجرد القلب حينئذ عن | علائقه وموانعه وتجريده عزمه بانتفاء التردد إذ بتردد العزم بانجذابه إلى جهة النفس | تارة وإلى جهة الروح أخرى لا تمكن الرياضة ولا السلوك ولا تصح الخلوة لفقدان | الجمعية التي هي من شرطها وهذه الرياضة ليست رياضة النفس بالتطويع فإنها لا | تحتاج إلى الخلوة بل إلى ترك ارتكاب المخالفات والإقدام على كسرها وقهرها | بالمقاومات من أنواع الزهد والعبادة إنما هي رياضة القلب بالتنزه عن صفاته وعلومه | وكمالاته وكشوفه في سلوك طريق الفناء وطلب الشهود واللقاء وذلك بعد العصمة من | استيلاء النفس عليه كما قالت : ! 2 < ولقد راودته عن نفسه فاستعصم > 2 ! طلب العصمة من | نفسه واستزادها ! 2 < ولئن لم يفعل ما آمره > 2 ! من إيفاء حظي ليمنعن من اللذات البدنية | وروح الهوى والمدركات الحسية بالخلوة والانقطاع عنها ^ ( وليكونا من الصاغرين ) ^ | لفقدان كرامته وعزته عندنا واختذالنا عنه واعتزاله عن رياسة الأعوان والخدم في | البدن . ولما حببت إليه الخلوة كما حببت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عند التحنث في حراء . | | ! 2 < قال رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه > 2 ! وإنما قال : ! 2 < مما يدعونني إليه > 2 ! ، ودعا ربه أن يصرف عنه كيدهن بقوله : ! 2 < وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين > 2 ! لأن في طباعها الميل إلى الجهة السفلية وجذب القلب إليها | وداعية استنزاله إليها بحيث لا يزول أبداً ، وتنورها بنوره وطاعتها له أمر عارضي لا | يدوم والقلب يمدها في أعمالها دائماً فإنه ذو طبيعتين وذو وجهين ينزع بإحداهما إلى | الروح وبالأخرى إلى النفس ، ويقبل بوجه إلى هذه وبوجه إلى هذه ، فلا شيء | أقرب إليه من الصبوة إليها بجهالته لو لم يعصمه الله بتغليب الجهة العليا وإمداده | بأنوار الملأ الأعلى كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ' اللهم ثبت قلبي على دينك ' ، قيل | له : أو تقول ذلك وأنت نبي يوحى إليك ؟ قال صلى الله عليه وسلم : ' وما يؤمنني إن مثل القلب | كمثل ريشة في فلاة تقلبها الرياح كيف شاءت ' . وذلك الدعاء هو صورة افتقار | القلب الواجب عليه أبداً . | | [ تفسير سورة يوسف من آية 34 إلى آية 36 |