@ 297 @ | الإنسان عن سائر الحيوان إخبار الغير عما لا يعلم ، فإذا كان الخبر غير مطابق لم | تحصل فائدة النطق وحصل منه اعتقاد غير مطابق وذلك من خواص الشيطنة ، فالكاذب | شيطان . وكما أن الكذب أقبح الرذائل ، فالصدق أحسن الفضائل . وأصل كل حسنة | ومادة كل خصلة محمودة وملاك كل خير وسعادة به يحصل كل كمال ويحصل كل | حال وأصله الصدق في عهد الله تعالى الذي هو نتيجة الوفاء بميثاق الفطرة أو نفسه | كما قال تعالى : ! 2 < رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه > 2 ! [ الأحزاب ، الآية : 23 ] في عقد | العزيمة ووعد الخليقة ، كما قال تعالى في إسماعيل عليه السلام : ! 2 < إنه كان صادق الوعد > 2 ! [ مريم ، الآية : 54 ] وإذا روعي في المواطن كلها حتى الخاطر والفكر والنية | والقول والعمل صدقت المنامات والواردات والأحوال والمقامات والمواهب | والمشاهدات كأنه أصل شجرة الكمال وبذر ثمرة الأحوال . | | ! 2 < فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة > 2 ! أي : يجب على كل مستعد من جماعة | سلوك طريق طلب العلم إذ لا يمكن لجميعهم ، أما ظاهراً فلفوات المصالح ، وأما | باطناً فلعدم الاستعداد . والتفقه في الدين هو من علوم القلب لا من علوم الكسب إذ | ليس كل من يكتسب العلم يتفقه كما قال تعالى : ! 2 < وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه > 2 ! [ الأنعام ، الآية : 25 ] والأكنة : هي الغشاوات الطبيعية والحجب النفسانية فمن أراد | التفقه فلينفر في سبيل الله وليسلك طريق التزكية والتصفية حتى يظهر العلم من قلبه | على لسانه كما نزل على بعض أنبياء بني إسرائيل : ' يا بني إسرائيل ، لا تقولوا العلم | في السماء من ينزل به ، ولا في تخوم الأرض من يصعد به ، ولا من وراء البحر من | يعبر ويأتي به ، العلم مجعول في قلوبكم تأدبوا بين يدي بآداب الروحانيين ، وتخلقوا | بأخلاق الصديقين ، أظهر العلم من قلوبكم حتى يغمركم ويغطيكم ' . فالمراد من التفقه | علم راسخ في القلب ، ضارب بعروقه في النفس ، ظاهر أثره على الجوارح بحيث لا | يمكن صاحبه ارتكاب ما يخالف ذلك العلم وإلا لم يكن عالماً . ألا ترى كيف سلب | الله الفقه عمن لم تكن رهبة الله أغلب عليه من رهبة الناس بقوله تعالى : ^ ( لأنتم أشد | رهبة في صدورهم من الله ذلك بأنهم قوم لا يفقهون 13 ) ^ [ الحشر ، الآية : 13 ] لكون | رهبه الله لازمة للعلم ، كما قال تعالى : ^ ( إنما يخشى الله من عباده العلمؤا ) ^ [ فاطر ، الآية : | 28 ] وسلب العلم عمن لم يعمل به في قوله تعالى : ! 2 < هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون > 2 ! [ الزمر ، الآية : 9 ] . وإذا تفقهوا وظهر علمهم على جوارحهم أثر في غيرهم | وتأثروا منه لارتوائهم به وترشحهم منه كما كان حال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلزم الإنذار | الذي هو غايته كما قال : ! 2 < ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون > 2 ! ومن |