و ( التعافي ) تفاعُلٌ ِ منه ِوهو أن يعفُو بعضُهم عن بعض . وأما : " ( تعافَوْا ) الحدودَ فيما بينكم " ِ فالأصل : تعافَوْا عن الحدودِِ أي لِيَعْفُ كلُّ منكم عن صاحبهِ إلا أنه حُذِف " عَنْ " وأُوصِلَ الفعلُ ِ أو ضُمّن معنى التِرك فُعدّي تعديته . وقد جعل صاحبُ المقاييس هذا التركيبَ دالاً على أصلين : تَرْكٍ وطلبٍِ إلا ان ( العفو ) غلَب على تَرْك عقوبةِ من استحقَّها ِ و ( الإعفاءُ ) على الترك مطلقاً ِ منه إعفاء اللحية وهو تَرْك قطْعها وتوفيرُها وقولهم : " أعفِني من الخروج معك " أي دعْني عنه واتركني ِ ومنه حديث محاكمة عُمَر Bه وأُبيّ بن كعب إلى زيد بن ثابت في الحائط : " وإن رأيتَ أن تُعْفي اميرَ المؤمنين من اليمن فأعْفِهِ فقال أُبي : بل نُعْفيه ونُصدقّه " . ومن رَوى : " أو عَفوْت أميرَ المؤمنين عن اليمين ِ فقدْ سها .
وقولهم : ( العَفْو ) : الفضلُ ِ صحيح لأن الشيء إذا تُرِك فضَلَ وزاد . ومنه حديث علي Bه : " أُمرنا أن لا ناخُذ منهم إلا العَفْو " .
وخُذْ ما صَفا وعَفا : أي فضَل وتسَهّلِ ومنه قول عمر بن عبد العزيز : " ولعَمري ما البَراذينُ ( 184 / ب ) بأعفَى من الفَرس فيما كان من مَؤونةِ وحَرْسٍ " يعني ليس هذا بأسهل مَؤونة ّ من ذاك .
وأختُلِفَ في تفسير قوله تعالى : " فمَنْ عُفِي له من أخيه شيء فاتّباعُ بالمعروف " : فأكثرهم على أنه من العَفْو خلافِ العقوبةِ وأن معناه : فمن عُفِي له من جهة أخيه شيء من العَفْو أي بعضُه بأن