فدبوا إليهم بالصوارم والقنا وكل حسام محدث العهد بالصقل ولا تجزعوا للحرب قومي فإنما يقوم رجال للرجال على رجل فيهلك فيها كل وغل مواكل ويسلم فيها ذو الجلادة والفضل فلما سمعت جديس منها ذلك امتلأوا غضبا ونكسوا حياء وخجلا فقال أخوها الأسود يا قوم أطيعوني فإنه عز الدهر فليس القوم بأعز منكم ولا أجلد ولولا تواكلنا لما أطعناهم وإن فينا لمنعة فقال له قومه أشر بما ترى فنحن لك تابعون ولما تدعونا إليه مسارعون إلا أنك تعلم أن القوم أكثر منا عددا ونخاف أن لا نقوم لهم عند المنابذة فقال لهم قد رأيت أن أصنع للملك طعاما ثم أدعوه وقومه فإذا جاؤونا قمت أنا إلى الملك وقتلته وقام كل واحد منكم إلى رئيس من رؤسائهم يفرغ منه فإذا فرغنا من الأعيان لم يبق للباقين قوة فنهتهم أخت الأسود بن غفار عن الغدر وقالت نافروهم فلعل الله أن ينصركم عليهم لظلمهم بكم فعصوها فقالت لا تغدرن فإن الغدر منقصة وكل عيب يرى عيبا وإن صغرا إني أخاف عليكم مثل تلك غدا وفي الأمور تدابير لمن نظرا حشوا شعيرا لهم فينا مناهدة فكلكم باسل أرجو له الظفرا شتان باغ علينا غير موتئد يغشى الظلامة لن تبقي ولن تذرا فأجابها أخوها الأسود وقال إنا لعمرك لا نبدي مناهدة نخاف منها صروف الدهر إن ظفرا إني زعيم لطسم حين تحضرنا عند الطعام بضرب يهتك القصرا وصنع الأسود الطعام وأكثر وأمر قومه أن يدفن كل واحد منهم سيفه تحته في الرمل مشهورا وجاء الملك في قومه فلما جلسوا للأكل وثب الأسود على الملك فقتله ووثب قومه على رجال طسم حتى أبادوا أشرافهم ثم قتلوا باقيهم وقال الأسود بن غفار عند ذلك ذوقي ببغيك يا طسم مجللة فقد أتيت لعمري أعجب العجب إنا أنفنا فلم ننفك نقتلهم والبغي هيج منا سورة الغضب فلن تعودوا لبغي بعدها أبدا لكن تكونوا بلا أنف ولا ذنب فلو رعيتم لنا قربى مؤكدة كنا الأقارب في الأرحام والنسب وقال جديلة بن المشمخر الجديسي وكان من سادات جديس لقد نهيت أخا طسم وقلت له لا يذهبن بك الأهواء والمرح واخش العواقب إن الظلم مهلكة وكل فرحة ظلم عندها ترح فما أطاع لنا أمرا فنعذره وذو النصيحة عند الأمر ينتصح