أيام عثمان فأرسل إليها عبد الله بن عامر ففتحها ثانية وأصابها الغز في سنة 845 بمصيبة عظيمة حيث أسروا الملك سنجر وملكوا أكثر خراسان وقدموا نيسابور وقتلوا كل من وجدوا واستصفوا أموالهم حتى لم يبق فيها من يعرف وخربوها وأحرقوها ثم اختلفوا فهلكوا واستولى عليها المؤيد أحد مماليك سنجر فنقل الناس إلى محلة منها يقال لها شاذياخ وعمرها وسورها وتقلبت بها أحوال حتى عادت أعمر بلاد الله وأحسنها وأكثرها خيرا وأهلا وأموالا لأنها دهليز المشرق ولا بد للقفول من ورودها وبقيت على ذلك إلى سنة 681 خرج من وراء النهر الكفار من الترك المسمون بالتتر واستولوا على بلاد خراسان وهرب منهم محمد بن تكش بن ألب أرسلان خوارزم شاه وكان سلطان المشرق كله إلى باب همذان وتبعوه حتى أفضى به الأمر إلى أن مات طريدا بطبرستان في قصة طويلة واجتمع أكثر أهل خراسان والغرباء بنيسابور وحصنوها بجهدهم فنزل عليها قوم من هؤلاء الكفار فامتنعت عليهم ثم خرج مقدم الكفار يوما ودنا من السور فرشقه رجل من نيسابور بسهم فقتله فجرى الأتراك خيولهم وانصرفوا إلى ملكهم الأعظم الذي يقال له جنكزخان فجاء بنفسه حتى نزل عليها وكان المقتول زوج ابنته فنازلها وجد في قتال من بها فزعم قوم أن علويا كان متقدما على أحد أبوابها راسل الكفار يستلزم منهم على تسليم البلد ويشرط عليهم أنهم إذا فتحوه جعلوه متقدما فيه فأجابوه إلى ذلك ففتح لهم الباب وأدخلهم فأول من قتلوا العلوي ومن معه وقيل بل نصبوا عليها المناجيق وغيرها حتى أخذوها عنوة ودخلوا إليها دخول حنق يطلب النفس والمال فقتلوا كل من كان فيها من كبير وصغير وامرأة وصبي ثم خربوها حتى ألحقوها بالأرض وجمعوا عليها جموع الرستاق حتى حفروها لاستخراج الدفائن فبلغني أنه لم يبق بها حائط قائم وتركوها ومضوا فجاء قوم من قبل خوارزم شاه فأقاموا بها يسبرون الدفائن فأذهبوها مرة فإنا لله وإنا إليه راجعون من مصيبة ما دهى الإسلام قط مثلها وقال أبو يعلى محمد بن الهبارية أنشدني القاضي أبو الحسن الاستراباذي لنفسه فقال لا قدس الله نيسابور من بلد سوق النفاق بمغناها على ساق يموت فيها الفتى جوعا وبرهم والفضل ما شئت من خير وأرزاق والحبر في معدن الغرثى وإن برقت أنواره في المعاني غير براق وقال المرادي يذم أهلها لا تنزلن بنيسابور مغتربا إلا وحبلك موصول بسلطان أو لا فلا أدب يجدي ولا حسب يغني ولا حرمة ترعى لإنسان وقال أبو العباس الزوزني المعروف بالمأموني ليس في الأرض مثل نيسابور بلد طيب ورب غفور وقد خرج منها من أئمة العلم من لا يحصى منهم الحافظ الإمام أبو علي الحسين بن علي بن زيد بن داود بن يزيد النيسابوري الصائغ رحل في طلب العلم والحديث وطاف وجمع فيه وصنف وسمع الكثير من أبي بكر بن خزيمة وعبدان الجواليقي وأبي يعلى الموصلي وأحمد بن نصر الحافظ والحسن بن سفيان وإبراهيم بن يوسف الهسنجاني وأبي خليفة وزكرياء الساجي وغيرهم وكتب عنه أبو الحسن