في الإقيلم الخامس طالعها عشرون درجة من برج العقرب تحت سبح عشرة درجة من برج السرطان يقابلها مثلها من برج الجدي بيت ملكها مثلها من الحمل بيت عاقبتها مثلها من الميزان لها شركة في كف الجذماء حولها كل نحو عامر وفيها جاءت الرواية من كل فيلسوف وحكيم وفيها قامت الأعلام والنجوم وقد روي عن جبير بن مطعم أنه قال لولا أصوات أهل رومية وضجهم لسمع الناس صليل الشمس حيث تطلع وحيث تغرب ورومية من عجائب الدنيا بناء وعظما وكثرة خلق وأنا من قبل أن آخذ في ذكرها أبرأ إلى الناظر في كتابي هذا مما أحكيه من أمرها فإنها عظيمة جدا خارجة عن العادة مستحيل وقوع مثلها ولكني رأيت جماعة ممن اشتهروا برواية العلم قد ذكروا ما نحن حاكوه فاتبعناهم في الرواية والله أعلم روي عن ابن عباس Bه أنه قال حلية بيت المقدس أهبطت من الجنة فأصابتها الروم فانطلقت بها إلى مدينة لهم يقال لها رومية قال وكان الراكب يسير بضوء ذلك الحلي مسيرة خمس ليال وقال رجل من آل أبي موسى أخبرني رجل يهودي قال دخلت رومية وإن سوق الطير فيها فرسخ وقال مجاهد في بلد الروم مدينة يقال لها رومية فيها ستمائة ألف حمام وقال الوليد بن مسلم الدمشقي أخبرني رجل من التجار قال ركبنا البحر وألقتنا السفينة الى ساحل رومية فأرسلنا إليهم إنا إياكم أردنا فأرسلوا إلينا رسولا فخرجنا معه نريدها فعلونا جبلا في الطريق فإذا بشيء أخضر كهيئة اللج فكبرنا فقال لنا الرسول لم كبرتم قلنا هذا البحر ومن سبيلنا أن نكبر إذا رأيناه فضحك وقال هذا سقوف رومية وهي كلها مرصصة قال فلما انتهينا الى المدينة إذا استدارتها أربعون ميلا في كل ميل منها باب مفتوح قال فانتهينا الى أول باب وإذا سوق البياطرة وما أشبهه ثم صعدنا درجا فإذا سوق الصيارفة والبزازين ثم دخلنا المدينة فإذا في وسطها برج عظيم واسع في أحد جانبيه كنيسة قد استقبل بمحرابها المغرب وببابها المشرق وفي وسط البرج بركة مبلطة بالنحاس يخرج منها ماء المدينة كله وفي وسطها عمود من حجارة عليه صورة رجل من حجارة قال فسألت بعض أهلها فقلت ما هذا فقال إن الذي بنى هذا المدينة قال لأهلها لا تخافوا على مدينتكم حتى يأتيكم قوم على هذا الصفة فهم الذين يفتحونها وذكر بعض الرهبان ممن دخلها وأقام بها أن طولها ثمانية وعشرون ميلا في ثلاثة وعشروين ميلا ولها ثلاثة أبواب من ذهب فمن باب الذهب الذي في شرقيها الى البابين الآخرين ثلاثة وعشرون ميلا ولها ثلاثة جوانب في البحر والرابع في البر والباب الأول الشرقي والآخر الغربي والآخر اليمني ولها سبعة أبواب أخر سوى هذا الثلاثة الأبواب من نحاس مذهب ولها حائطان من حجارة رخام وفضاء طوله مائتا ذراع بين الحائطين وعرض السور الخارج ثمانية عشر ذراعا وارتفاعه اثنان وستون ذراعا وبين السورين نهر ماؤه عذب يدور في جميع المدينة ويدخل دورهم مطبق بدفوف النحاس كل دفة منها ستة وأربعون ذراعا وعدد الدفوف مائتان وأربعون ألف دفة وهذا كله من نحاس وعمود النهر ثلاثة وتسعون ذراعا في عرض ثلاثة وأربعين ذراعا فكلما هم بهم عدو وأتاهم رفعت تلك الدفوف فيصير بين السوريين بحر لا يرام وفيما بين أبواب الذهب الى باب الملك اثنا عشر ميلا وسوق ماد من شرقيها الى غربيها بأساطين النحاس