وخلفها في أداء الشهادة ( أَشْهَدُ ) مقتصرين عليه دون غيره من الألفاظ الدالة على تحقيق الشيء نحو أعلم وأتيقن وهو موافق لألفاظ الكتاب والسنة فكان كالإجماع على تعيين هذه اللفظة دون غيرها ولا يخلو من معنى التعبد إذ لم ينقل غيره ولعل السر فيه أن ( الشَّهَادَةَ ) اسم من ( المُشَاهَدَةِ ) وهي الاطلاع على الشيء عيانا فاشترط في الأداء ما ينبئ عن ( المُشَاهَدَةِ ) وأقرب شيء يدلّ على ذلك ما اشتق من اللفظ وهو ( أَشْهَدُ ) بلفظ المضارع ولا يجوز ( شَهِدْتُ ) لأن الماضي موضوع للإخبار عما وقع نحو قمت أي فيما مضى من الزمان فلو قال ( شَهِدْتُ ) احتمل الإخبار عن الماضي فيكون غير مخبر به في الحال وعليه قوله تعالى حكاية عن أولاد يعقوب عليهم السلام ( وَمَا شَهِدْنَا إِلا بِمَا عَلِمْنَا ) لأنهم ( شَهِدُوا ) عند أبيهم أولا بسرقته حين قالوا ( إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ ) فلما اتهمهم اعتذروا عن أنفسهم بأنهم لا صنع لهم في ذلك وقالوا وما شهدنا عندك سابقا بقولنا إن ابنك سرق إلا بما عاينّاه من إخراج الصواع من رحله والمضارع موضوع للإخبار في الحال فإذا قال أشهد فقد أخبر في الحال وعليه قوله تعالى ( قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ ) أي نحن الآن ( شَاهِدُونَ ) بذلك وأيضا فقد استعمل ( أَشْهَدُ ) في القسم نحو ( أَشْهَدُ ) بالله لقد كان كذا أي أقسم فتضمن لفظ ( أَشْهَدُ ) معنى المشاهدة والقسم والإخبار في الحال فكأن الشاهد قال أقسم بالله لقد اطلعت على ذلك وأنا الآن أخبر به وهذه المعاني مفقودة في غيره من الألفاظ فلهذا اقتصر عليه احتياطا واتّباعا للمأثور وقولهم ( أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ ) تعدى بنفسه لأنه بمعنى أعلم و ( اسْتَشْهَدْتُهُ ) طلبت منه أن ( يَشْهَدَ ) و ( المَشْهَدُ ) المحضر وزنا ومعنى و ( تَشَهَّدَ ) قال كلمة التوحيد و ( تَشَهَّدَ ) في صلاته في التحيات .
و ( الشَّهْدَانَجُ ) بنون مفتوحة بعد الألف ثم جيم يقال هو بزر القنب .
الشَّهْرُ .
قيل معرب وقيل عربي مأخوذ من ( الشُّهْرَةِ ) وهي الانتشار وقيل ( الشَّهْرُ ) الهلال سمي به ( لِشُهْرَتِهِ ) ووضوحه ثم سميت الأيام به وجمعه ( شُهُورٌ ) و ( أَشْهُرٌ ) وقوله تعالى ( الحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ ) التقدير وقت الحج أو زمان الحج ثم سمي بعض ذي الحجة شهراً مجازا تسمية للبعض باسم الكلّ والعرب تفعل مثل ذلك كثيرا في الأيام فتقول ما رأيته مذ يومان والانقطاع