وقال أَيضاً إِذا كانَتْ إِبلهم طَوَالِقَ قيلَ : أَطْلَقَ القوم فهم مُطْلِقونَ وإِذا كانَتْ إِبِلهُمْ قوارِبَ قَالوا : أَقْرَبَ القَوْمُ فهم قَارِبُون ولا يُقَال : مُقْرِبُونَ . قال : وهذا الحَرفُ شاذُ .
وقال أَبو عَمْرو : القَرَبُ في ثلاثةِ أَيّامٍ أَو أَكثَرَ . وأَقْرَبَ القَوْمُ فهم قارِبُونَ على غير قياسٍ : إِذا كانت إِبِلُهُمْ مُتَقَارِبَةً .
وقد يُستعملُ القَرَبُ في الطَّيْرِ ؛ أَنشدَ ابْنُ الأَعْرَابِيّ لِخَليج : .
قد قُلْتُ يوماً والرِّكَابُ كَأَنَّها ... قَوَارِبُ طَيْرٍ حانَ منها وُرُودُهَا وهُوَ يَقرُبُ حاجَتَهُ أَي : يَطْلُبُهَا وأَصلُهَا من ذلك . وفي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ : إِنْ كُنَّا لَنَلْتَقِي في اليَوْمِ مِرَاراً يَسْأَلُ بعضُنا بعضاً وإِنْ نَقْرُبُ بذلكَ إلاَّ أَنْ نَحْمَدَ اللهَ تعالى " قال الأَزهريّ : أَي ما نطلُبُ بذلك إلاَّ حمْدَ اللهِ تعالى . قال الخَطّابُّي : نَقْرُبُ أَي : نَطلبُ الأَصل فيه طَلَبُ الماءِ ومنه : ليلةُ القَرَبِ ثم اتُّسِعَ فيه فقيلَ فيه : فلانُ يَقْرُبُ حاجَتَهُ أَي : يَطْلُبها ؛ فإِنْ الأُولَى هي المخفَّفة من الثَّقِيلة والثانية " نافيَةُ " .
وفي الحديث قال لَهُ رَجُلُ : " مَالي قَارِبُ ولا هارِبُ " أَي : مالَهُ وَارِدُ يَرِدُ الماءَ ولا صادِرُ يَصْدُرُ عنه . وفي حديث عليٍّ كرَّم اللهُ وَجهَهُ : " وما كنتُ إلاّ كقَارِبٍ وَرَدَ وطالبٍ وَجَدَ " كذا في لسان العرب . والقُرْبَانُ بالضَمِّ ؛ ما يُتَقَرَّبُ به إِلى اللهِ تعالَى شَأْنُهُ تقولُ منهُ : قَرَّبْتُ إِلى اللهِ قُرْبَاناً وقال اللَّيْتُ : القُرْبانُ : ما قَرَّبْتَ إِلى اللهِ تعالَى تبتغي بذلك قُرْبَةً ووَسِيلةً ؛ وفي الحديث " صِفَةُ هذِه الأُمَّةِ في التَّوْرَاةِ : قُرْبَانُهُمْ دِمَاؤُهم " أَي : يتقرَّبُون إِلى الله بإِراقةِ دِماءهم في الجِهاد . وكان قُربانُ الأُمم السّالفةِ ذَبْحَ البَقَر والغَنَم والإِبِلِ . وفي الحديث : " الصَّلاةُ قُرْبانُ كلِّ تَقىٍّ أَي " أَنَّ " الأَتقياءَ من النّاسِ يتقرَّبُونَ بِهَا إِلى اللهِ تعالَى أَي : يطلُبُونَ القُرْبَ منه بها . والقُرْبانُ : جَلِيسُ المَلِكِ الخَاصُّ أَي : المُخْتَصُّ به . وعِبَارَةُ الجَوْهَرِيّ وابْنِ سِيدَهْ : جليسُ المَلكِ وخاصَّتُه لقُرْبه منه وهو واحِد القَرَابِين تقول : فُلانُ من قُرْبان المَلكِ ومن بُعْدانِه . وقَرَابِينُ الملكِ : وزراؤُهُ وجُلساؤُهُ وخاصَّتُهُ ويُفْتَحُ وقد أَنْكره جماعةُ . وقَرَّبَه ِللهِ : تَقَرَّبَ به إِلَى اللهِ تعالَى تَقَرُّباً وتِقِراباً بكَسْرَتَيْنِ معَ التَّشْدِيدِ أَي : طَلَبَ القُرْبَةَ والوَسيلةَ به عِنْدَهُ . ج قَرابِينُ . وقَرَابِينُ أَيضاً : وَادٍ بنَجْدٍ وقُرْبَةُ بالضَّمّ : وَادٍ آخَرُ . واقْتَرَبَ الوَعْدُ : أَي تَقَارَبَ والتَّقَارُبُ : ضِدّ التَّبَاعُدِ . ونقل شيخُنَا عن ابْنِ عَرَفَةَ : أَنَّ اقْتَرَبَ أَخَصُّ منْ قَرُبَ فإِنَّه يَدُلُّ على المُبَالغة في القُرْبِ . قلتُ : ولَعَلَّ وَجْهَهُ أَنّ افتعل يدُلُّ على اعتمالٍ ومَشَقَّةٍ في تحصيلِ الفِعْل فهو أَخَصُّ مِمَّا يدُلُّ على القُرْبِ بلا قَيْدٍ كما قالُوه في نظائره انتهى .
ومن المجاز : شَيْءُ مُقَارَبُ بالكَسْرِ أَي : بكسر الرّاءِ على صِيغة اسم الفاعل : أَي وَسَطُ بَيْنَ الجَيِّدِ والرَّدِئِ ولا تَقُلْ : مُقَارَبُ بالفتح . وكذلك إِذا كان رَخيصاً كذا في الصّحاح .
ويقال أَيضاً : رَجُلُ مُقَارِبُ ومَتَاعُ مُقَارِبُ أَوْ أَنّه : دَيْنُ مُقَارَبُ بالكَسْرِ ؛ ومَتَاعٌ مُقَارَبٌ بالفتح ومعناه أَي ليس بنفيس . قال شيخُنا : و منه أَخذ المُحَدِّثُونَ في أَبواب التَّعدِيل والتَّجرِيح : فلانُ مقارَبُ الحديثِ فإِنّهم ضبطوه بكسر الرّاءِ وفتحها كما نقله القاضي أَبُو بكر ابْنُ العَرَبيّ في شرح التِّرْمِذِيّ وذكره شُرَّاحُ أَلفيَّةِ الِعراقيّ وغيرُهُمْ .
وَأَقْرَبَتِ الحَاملُ : قَرُبَ وِلاَدُهَا فهِيَ مُقْرِبٌ كمُحْسِن و ج مَقَارِيبُ كأَنهم تَوَهَّمُوا واحدها على هذا مِقْرَاباً وكذلك الفَرَسُ والشّاةُ ولا يقالُ للنَّاقَةِ إِلا أَدْنَتْ فهي مُدْنٍ . قالت أُمُّ تَأَبَّطَ شَراًّ تَرْثِيهِ بعدَ موتِه :