وفي المِصْبَاح : قالَ أَبو عَمْرِو بْن العَلاءِ : القَرِيبُ في اللُّغَةِ له معنيانِ أَحَدُهُما : قريبُ قرْبَ مكانٍ يستوي فيه المُذَكَّر والمُؤَنَّث يقال : زَيْدُ قريبُ منكَ وهندُ قريبُ منكَ ؛ ِلأَنَّه من قُرْبِ المكانِ والمسافةِ فكأَنَّه قيل : هِنْدُ مَوْضِعُهَا قَرِيبُ ؛ ومنه " إِنَّ رَحْمَةَ اللهِ قَرِيبُ مِن المُحْسِنٍينَ " والثّاني : قريبُ قُرْبَ قَرَابةٍ فيُطابِق فيُقال : هنْدُ قريبةُ وهما قريبتانِ . وقال الخليل : القَرِيبُ والبَعِيدُ يستوي فيهما المُذكَّرُ والمُؤَنَّث والجَمع . وقال ابْن الأَنباريّ فِي قوله تعالَى : " إِنَّ رَحْمَة اللهِ قَرِيبُ " : لا يجوز حَمْل التَّذكيرِ على معنى أَنَّ فَضْلَ اللهِ ؛ لأَنَّه صَرْفُ اللفظِ عن ظاهِره بَلْ لأَنَّ اللَّفْظَ وُضِعَ للتَّذْكِيرِ والتَّوحيدِ . وحَمَلَهُ الأَخْفَشُ على التأْويل . انتهى .
قلْت : وقد سبَقَ عن اللّسَان آنفاً ومثلُهُ في حواشي الصِّحِاح والمُشْكل ِلابْنِ قُتَيْبَةَ .
يُقَال : ما بينَهما مَقْربَةُ المَقْربَة مُثَلَّثَة الرَّاءِ والقُرْبُ والقُرْبَةُ والقُرُبَةُ بضَمِّ الرّاءِ والقُرْبَى بضمِّهِنَّ : الْقَرَابَة .
وتقول : هو قَرِيبِي وذو قَرابَتِي ولاَ تَقُلْ : قَرَابَتِي ونسبه الجوهريّ إِلى العامَّةِ ووافَقَه الأَكثرونَ ومثله في دُرَّةِ الغَوّاصِ للحَرِيريّ .
قال شيخنا : وهذا الّذي أَنكره جَوَّزهُ الزَّمَخْشَرِيُّ على أَنَّه مجازُ أَي على حذفِ مضافٍ ومثله جارٍ كثيرُ مسموعُ . وصَرَّح غيرُه بأَنَّهُ صحيحُ فَصيحُ نظماً ونثراً ووقع في كلام النُّبُوَّةِ : " هَلْ بَقِيَ أَحدُ من قَرَابَتِهَا " قال في النِّهَاية : أي أَقاربِها سُمُّوا بالمصدر وهو مُطَّرِدُ . وصَرَّح في التّسهيل بأَنَّه اسمُ جَمْعٍ لقَرِيبٍ كما قيل في الصَّحَابَة إِنَّه جمعُ لصاحِب . انتهى .
وفي لسان العرب : وقوله تعالى : " قلْ لا أَسْأَلُكْم عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ المَوَدَّةَ في القُرْبَي " أَي : إِلاَّ أَنْ تَوَدُّونِي في قرابَتِي منكم . ويُقَال : فلانُ ذو قَرابَتِي وذو قَرَابَةٍ منِّي وذو مَقْرَبَةٍ وذو قُرْبَي منّي قال الله تعالَى : " يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ " قال : ومنهم مَنْ يُجِيز فلانُ قَرابَتِي والأَوّل أَكثرُ . وفي حديث عُمَرَ : " إِلاّ حامَي على قَرابَته " أَي : أَقارِبه سُمُّوا بالمصدر كالصَّحابة . وفي التَّهذِيب : القَرَابَة والقُرْبَى : الدُّنُوُّ في النَّسَبِ والقُرْبَى في الرَّحِمِ وهو في الأَصل مصدرُ وفي التَّنْزِيلِ العَزيزِ : " والجَارِ ذِي القُرْبَى " وأَقْرِباؤُكَ وأَقارِبُكَ وأَقْرَبُوك : عَشِيرَتكَُ الأَدْنَونَ وفي التَّنْزِيلِ : " وأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ " وجاءَ في التّفْسير : أَنَّه لَمّا نَزَلَتْ هذه الآية صَعِدَ الصَّفَا ونادَى الأَقْرَبَ فالأَقْرَبَ فَخِذاً فَخِذاً : " يَا بَنِي عَبْدِ المُطَّلِبِ يا بني هاشِمٍ يا بني عبدِ مَنَافٍ يا عبّاسُ يا صَفِيَّة إِنّي لا أََمْلِك لكم من اللهِ شيئاً سَلُونِي من مالي ما شِئتُمْ " هذا عن الزجَاج .
والقَرْبُ أَي بالفَتْح : إِدخال السَّيْفِ أَو السِكِّينِ في القِرابِ والقِرَابُ : اسمُ لِلغِمْدِ وجمعُهُ قُرُبُ ؛ أَوْ لِجَفْنِ الغِمدِ .
والّذي في الصَّحِاح : قِرابُ السيْفِ : جفْنهُ وهو : وِعَاءُ يكون فيه السَّيْف بغِمْدهِ وحِمَالَتِه وقال الأَزْهَريُّ : قِرابُ السَّيف : شِبْهُ جِرابٍ من أَدَمٍ يَضَعُ الرّاكبُ فيه سيفَهُ بجَفْنِه وسَوْطَهُ وعَصاهُ وأَدَاتَهُ . وفي كتابه لوائلِ بْنِ حُجْرٍ " لكلِّ عَشَرَةٍ من السَّرَايا ما يَحمل القِرابُ من التَّمْر " قال ابْن الأَثيرِ : هو شِبْهُ الجِراب يَطْرَح فيه الراكبُ سَيْفَه بغِمده وسَوْطَهُ ؛ وقد يطرح فيه زادَهُ من تَمْرٍ وغيرِه . قال ابن الأَثيرِ : قال الخَطَّابيُّ : الرِّواية بالبَاءِ هكذا قال ولا موضعَ له هُنَا قال : وأُرَاهُ " القِرَافَ " جمع قَرْفٍ وهي أَوْعِيَةُ من جُلودٍ يُحْمَل فيها الزَّادُ للسَّفَر ويُجْمَع على " قُرُوفٍ " أَيضاً كذا في لسان العرب . قلت : وهكذا في استدراك الغلط لأَبي عُبَيْدٍ القاسمِ بْنِ سَلاّمٍ وأَنْشَدَ :