قال أبو زِياد : وأخبَرني أعرابيٌّ من رَبيعَةَ أنّ العِشْرِقَة ترتَفِعُ على ساقٍ قَصيرة ثم تنتَشِر شُعَباً كثيرة وتُثمِر ثمَراً كَثيراً وثمره سِنْفَةٌ وهي خرائِطُ طوالٌ عِراضٌ في كل سِنْفَة سَطْران من حَبٍّ مثْل عجْمِ الزّبيب سَواء . فيؤْكَل مادام رَطْباً وإذا هبّت الريحُ فلَقَت تلك السِّنْفَة وهي مُعلَّقة بالشّجَر بعَلائِق دِقاق فتخَشْخَشَت فسَمِعْتَ للوادِي الذي يكونُ به زجَلاً ولَجّة تُفْزِعُ الإبل قال : ولا تأوِي الحيّاتُ بوادِي العِشْرِق تهْرَبُ من زَجَلِه . وحَبُّه أبيضُ طيِّبٌ هشٌّ دسِمٌ حارٌّ نافِعٌ للبَواسير زاد غيرُه : وتوْلِيد اللّبَن وورقُه مثلُ ورَق العِظْلِم شَديدُ الخُضرة يُسَوِّدُ الشّعَر ويُنبِتُه إذا امتُشِطَ به . ومثله قولُ أبي عَمْرو . وقال الأزهريّ : العِشْرِقُ من الحَشيشِ ورقُه شَبيهٌ بورَقِ الغارِ إلا أنّه أعْظَمُ منه وأكْبَر وله حمْلٌ كحَملِ الغار إلا أنّه أعظَم منه وحَكَى عن ابنِ الأعرابي : العِشْرِقُ : نباتٌ أحْمَر طيِّب الرائِحة يستَعْمِله العَرائِسُ . وحَكى ابنُ بَرّي عن الأصْمَعيّ العِشْرِق : شجَرة قدْرَ ذِراعٍ لها حَبٌّ صِغار إذا جفّ صوّتَت بمَرِّ الرّيح . قال أبو زِياد : وزَعم بعضُ الرّواةِ أنّ مَنابِتَ العِشْرِق الغِلَظُ . وقال أبو حَنيفة : واحِدَته بِهاءٍ . وأما قولُ الرّاجِز : .
" كأنّ صوتَ حَلْيِها المُناطِقِ .
" تَهَزُّجُ الرِّياحِ بالعَشارِقِ إمّا أنْ يكونَ جمْعَ عِشْرِقَةٍ وإمّا أن يكون جمْع الجِنْسِ الذي هو العِشْرِق وهذا لا يطّرِدُ . وقال ابنُ عبّاد : عَشْرَقَ النّبْتُ والأرضُ أي : اخْضَرّا . وعُشارِقُ بالضّمّ : اسمٌ أو : ع الأخير عن ابنِ دُرَيْد .
ع ش ق .
العِشْقُ بالكَسْر وإنّما أهمله لشُهْرَتِه . والمَعْشَق كمَقْعَد قال الأعشى : .
" وما بيَ منْ سُقْمٍ وما بيَ معْشَقُ عُجْبُ المُحِبِّ بمَحْبوبِه . أو هو : إفْراطُ الحُبِّ . وسُئِلَ أبو العبّاس أحمدُ بنُ يَحْيى عن الحُبِّ والعِشْق : أيّهُما أحْمَدُ ؟ فقال : الحُبُّ ؛ لأنّ العِشْق فيه إفراطٌ ويكونُ العِشْق في عَفاف الحُبّ وفي دَعارَةٍ أو هو عَمَى الحِسِّ عن إدْراكِ عُيوبِه أو مرَضٌ وسْواسيٌّ يجْلُبُه الى نفْسِه بتَسْليطِ فِكْرِه على استِحْسانِ بعْضِ الصّوَر . قال شيخُنا رحِمَه اللهُ تعالى : وقد ألّف الرّئيسُ ابنُ سينا في العِشْقِ رسالةً وبسَط فيها معْناه وقال : إنّه لا يخْتَصّ بنوْع الإنْسان بل هوَ سارٍ في جَميع الموْجودات : من الفلَكِيّاتِ والعُنْصُريّات والنّباتات والمعْدِنيّات والحَيوانات وأنّه لا يُدرَك معْناه ولا يُطَّلَع عليه والتّعْبير عنه يَزيدُه خَفاء وهو كالحُسْنِ لا يُدرَكُ ولا يُمكن التّعْبير عنه وكالوَزْن في الشِّعرِ وغيرِ ذلِك مما يُحالُ فيه على الأذْواقِ السّليمة والطِّباع المُسْتَقيمة . عشِقه كعلِمه هذا هو الصّواب ومثلُه في الصِّحاح والعُباب واللِّسان . وفي المِصْباح أنّه كضَرَب وهو غيْر معْروفٍ فلا يُعتَدُّ به أشارَ له شيخُنا عِشْقاً بالكَسْرِ وعشَقا أيضاً بالتّحْريكِ عن الفَرّاءِ . قال رؤبَة يَذكُر الحِمارَ والأُتُنَ : .
" ولم يُضِعْها بيْن فِرْكِ وعشَقْ قال الجوهَريّ : وقال ابنُ السَّرّاجِ النّمَرِيّ في كِتاب الحُلَى : إنّما حرّكَه ضَرورةً ولم يحرِّكْه بالكَسْر إتْباعاً للعيْن كأنّه كرِه الجمْعَ بين كسرَتَيْن ؛ لأنّ هذا عَزيزٌ في الأسْماءِ . وقال زُهيْر بنُ أبي سُلْمَى : .
قامَتْ تَبدّى بِذِي خالٍ لتَحْزُنَني ... ولا مَحالةَ أن يشْتاقَ مَنْ عشِقا