ولقد أقطَعُ الخَليلَ إذا لمْ ... أرْجُ وصْلاً إنّ الإخاءَ الصِّداقُ وفي التنزيل : ( إنّ المُصَّدِّقينَ والمُصَّدِّقات ) وأصله المُتَصَدّقين والمُتَصَدِّقات فقُلِبَت التّاءُ صاداً وأُدغِمَت في مثلِها وهي قِراءَة غيرِ ابن كَثيرٍ وأبي بكْر فإنّهما قرآ بتخفيفِ الصّاد وهم الذين يُعطون الصَّداقات . ومما يُستَدْرَك عليه : التَّصْداقُ بالفَتْح : الصِّدْق . والمُصدِّق كمُحدِّث : الذي يُصدِّقُك في حَديثك . ورجلٌ صِدْقٌ وامرأة صِدْقٌ : وُصِفا بالمَصْدر . وصِدْقٌ صادِقٌ كقولهم : شِعْرٌ شاعِر يريدون المبالغةَ . وقال الرّاغِب : وقد يُستَعْمل الصِّدْقُ والكَذِبُ في كلِّ ما يحِقُّ ويحصُلُ عن الاعْتِقادِ نحو صَدَقَ ظنّي وكَذَب . قلت : ومنه قولُه تعالى : ( ولقد صَدق عليهم إبْليسُ ظنَّه ) بتخفيف الدّال ونصْب الظّنِّ أي : صَدَق عليهم في ظنّه . قال الفرّاءُ : ومن قَرأ بالتّشديدِ فمعْناه أنه حقّقَ ظنّه حينَ قال : ( ولأُضِلّنّهم ولأمَنّينّهم ) لأنه قال ذلك ظانّاً فحقّقَهُ في الضّالّينَ . وقال أبو الهَيْثَم : صدَقَني فُلانٌ أي : قال ليَ الصِّدْقَ . وقال غيرُه : صدَقَه النّصيحةَ والإخاءَ أي : أمْحَضَه له . وحمْلةٌ صادِقةٌ كما قالوا : ليسَت لها مَكْذوبةٌ وهو مَجاز . وقول أبي ذؤيب : .
نَماهُ من الحَيَّيْنِ قِرْدٌ ومازِنٌ ... لُيوثٌ غَداةَ البأسِ بيضٌ مَصادِقُ يجوز أن يكونَ جمعَ صَدْقٍ على غيْر قِياسٍ كمَلامِحَ ومَشابِهَ ويجوز أن يكونَ على حذْفِ المُضاف أي ذُوو مَصادِقَ فحذَف . والمَصْدَق بالفتح : الجِدُّ وبه فسّر بعضُهم قولَ دُرَيْد بنِ الصِّمّة : .
وتُخرِجُ منه صَرّةُ القوْم مَصْدَقاً ... وطولُ السُّرَى دُرِّيَّ عَضْبٍ مُهنَّدِ والمَصْدَق : الصّلابة عن ثَعْلب . وصدّق عليه كتصَدّق أراه فعّل في معنى تفعّل ومنه قولُه تعالى : ( فلا صَدّق ولا صلّى ) قال ابنُ بَرّي : وذكَر ابنُ الأنْباري أنه جاءَ تصدّق بمعنى سأل وأنْشَد : .
ولو انّهم رُزِقوا على أقْدارِهم ... لَلَقيتَ أكثرَ من تَرَى يتصدَّق