قلت : والذي سمعناه من أَفواه مشايخنا اليَمنيِّين أَن المجد سوّد القاموس في زَبيد بالجامع المنسوب لبني المِزجاجي وهم قبيلة شيخنا سيِّدي عبد الخالق متع الله بحياته وفيه خَلوَةٌ توترَ عندهم أَنَّه جلس فيها لتسويد الكتاب وهذا مشهور عندهم وأَنَّ التبييض إِنَّما حصل في مكَّة المشرَّفة فلذا ترى النسخ الزَّبيديَّة غالبها محشُوَّة بالزيادات الطيبة وغيرها والمكية خالية عنها وكتابي هذا أَي القاموس بحمد الله تعالى مصحوباً أو ملتبساً جاءَ به تبركاً وقياماً ببعض الواجب على نعمة إتمامه على هذا الوجه الجامع صَريحُ أَي خالص ومحض أَلْفَيْ تثنية أَلْف مُصَنَّف على صيغة المفعول أَي مؤلف في اللغة من الكتب الفاخِرة الجيَّدة أَي زيادة على ما ذُكر من العُباب والمُحكم والصحاح من مؤلَّفات سائر الفنون كالفقه والحديث والأُصول والمنطق والبيان والعروض والطبّ والشعر ومعاجم الرُّواة والبلدان والأَمصار والقُرى والمياه والجبال والأَمكنة وأَسماء الرِّجال والقصص والسِّير ومن لغة العجم ومن الاصطلاحات وغير ذلك ففيه تفخيم لشأن هذا الكتاب وتعظيم لأمره وسَعَتِه في الجمع والإحاطة ونتيج بفتح النون وكسر التاء المُثناة الفوقيَّة هكذا في النسخ التي في أَيدينا كأنَّه أَراد به النتيجة أَي حاصل وثمرة أَلْفيْ بالتثنية أيضاً قَلَمَّسٍ محرَّكة مع تشديد الميم أَراد به البحر من العَيالِم جمع عَيْلَم كصَيْقَل وهو البحر الزاخِرة الممتلئة الفائضة وفيه إشارة إلى أنَّ تلك الكتب التي مادَّة كتابه منها ليست من المختصرات بل كلّ واحدٍ منها بحرٌ من البحار الزاخرة وفي نسخة : سنيح بالسين المهملة وكسر النون وفي آخره حاء أَي جوهر أَلفي كتاب أَي مختارها وخالصها وقد أَورد القرافي هنا كلاماً وتكلَّف في بيان بعض النسخ تفقُّهاً لا نقلاً من كتاب ولا سماعاً من ثقة وقد كفانا شيخنا C تعالى مُؤْنَة الردّ عليه فراجع الشرح إن شئت وفي الفقرة زيادة على المجاز التزام ما لا يلزم والله العظيم أَسأَل لا غيره أن يُثيبَني أَي يُعطيني به أَي الكتاب أَي بسببه جميل الذكر في الدُّنيا وهو الثناء بالجميل وقد حصل قال الله تعالى " واجْعَلْ لي لِسانَ صِدْقٍ في الآخِرين " فسَّره بعضهم بالثَّناء الحسن قال ابن دريدٍ : .
وإِنَّما المرءُ حَديثٌ بَعْدَهُ ... فكُنْ حُديثاً حَسَناً لِمَنْ وَعَى