وخَسَفَ البِئْرُ خَسْفاً : حَفَرَهَا في حِجَارَةٍ فَنَبَعَتْ بِمَاءٍ كَثِيرٍ فَلاَ يَنْقَطِعُ وقيل : هو أَن يُنْقَبَ جَبَلُهَا عن عَيْلَمِ الماءِ فلا يَنْزَحُ أَبَداً وقيل : هو أَن يَبْلُغَ الحَافِرُ إِلَى مَاءٍ عِدٍّ . وفي حديثِ الحَجَّاجِ قال لرَجُل بَعَثَهُ يَحْفِرُ بِئْراً : " أَخْسَفْتَ أَم أَوْشَلْتَ ؟ " أَي : أَأَطْلَعْتَ مَاءً كثيراً أَم قَلِيلاً ؟ .
ومن ذلك أَيضاً ما جاءَ في حديثِ عُمَرَ أَنّ العَبَّاسَ رَضِيَ اللهُ عنهما سَأَلَهُ عَن الشُّعَراءِ فقال : امْرُؤُ القَيْسِ سَابِقُهُم خَسَفَ لهم عَيْنَ الشِّعْرِ فَافْتَقَرَ عَن مَعانٍ عُورٍ أَصَحَّ بَصَرٍ أَي : أَنْبَطَهَا لهم وأَغْزَرَهَا يُرِيد أَنَّه ذَلَّلَها لهم وبَصَّرَهُم بمَعَانِي الشِّعْرِ وفَنَّنَ أَنْوَاعَهُ وقَصَّدَهُ فاحْتَذَى الشُّعَراءُ علَى مِثَالِهِ فاسْتَعَارَ العَيْنَ لذلك وقد ذُكِرَ في " ف ق ر " وفي " ن ب ط " .
فهي خَسِيفٌ وخَسُوفٌ كَأَمِيرٍ وصَبُورٍ ومَخْسُوفَةٌ وخَسِيفَةٌ وقال بعضُهم : يُقَالُ : بِئْرٌ خَسِيفٌ لا يُقَالُ غير ذلك ويُقَال : وما كانَتِ البِئْرُ خَسِيفاً ولقد خَسَفَتْ قال : .
" قد نُزِحَتْ إِنْ لَمْ تَكُنْ خَسِيفَا .
" أَو يَكُنِ الْبَحْرُ لَهَا حَلِيفَا أَخْسِفَةٌ وخُسُفٌ الأَخِيرُ بضَمَّتَيْنِ عن أَبي عمرٍو وشَاهِدُه قَوْلُ أَبِي نُوَاسٍ يَرْثِي خَلَفاً الأَحْمَر : .
" مَنْ لا يَعُدُّ الْعِلْمَ إِلاَّ مَا عَرَفْ .
" قَلَيْذَمٌ مِنَ الْعَيَالِيمِ الْخُسُفْ وخَسَفَ اللهُ بِفَلاَنٍ الأَرْضَ خَسْفاً : غَيَّبَهُ فيها ومنه قَوْلُهُ تَعالَى : " فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ " وَقَرَأَ حَفْصٌ ويَعْقُوبُ وسَهْلٌ قَوْلَه تعالَى : " لَخَسَفَ بِنَا " كضَربَ والباقُونَ : " لَخُسِفَ بِنَا " علَى بِنَاءٍ المَجْهُولِ . ومِن المَجَازِ : الْخَسْفُ : النَّقِيصَةُ يُقَال : رَضِيَ فُلانٌ بالخَسْفِ أَي : بالنَّقِيصَةِ نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ والخَسْفُ : مَخْرَجُ مَاءِ الرَّكِيَّةِ حَكَاهُ أَبو زَيْدٍ كما في الصِّحَّاحِ . والخَسْفُ : عُمُوقُ ظَاهِرِ الأَرْضِ .
وقال ابنُ الأَعْرَابِيِّ : الخَسْفُ : الْجَوْزُ الذِي يُْكَلُ ويُضَمُّ فِيهِمَا في الجَوْزِ والعُمُوقِ أَمَّا أَبو عمرٍو فإِنَّهُ رَوَى فيه بمَعْنَى الجَوْزِ الفَتْحَ والضَّمَّ وقال : هي لُغَةُ أَهْلِ الشِّحْرِ واقْتَصَرَ أَبو حَنِيفَةَ علَى الضَّمِّ قال ابنُ سِيدَه : وهو الصحيحُ . والخَسْفُ أَيضاً مِن السَّحَابِ : مَا نَشَأَ مِن قِبَلِ الْمَغْرِبِ الأَقْصَى عَن يَمِينِ الْقِبْلَةِ وقال غيرُه : ما نَشَأَ مِن قِبَلِ العَيْنِ حَامِلاً ماءً كَثِيراً والعَيْنُ عن يَمِينِ القِبْلَةِ . ومِن المَجَازِ : الخَسْفُ : الإِذْلاَلُ وأَن يُحَمِّلَكَ الإِنْسَانُ مَا تَكْرَهُ قال جَثَّامَةُ : .
وتِلْكَ التي رَامَهَا خُطَّةٌ ... مِنَ الخَصْمِ تَسْتَجْهِلُ المَحْفِلاَ يُقَالُ : سَامَهُ خَسْفاً بالفَتْحِ ويُضَمُّ وسَامَهُ الخَسْفَ : إِذا أَوْلاَهُ ذُلاًّ ويُقَال : كَلَّفَهُ المَشَقَّةَ والذُّلَّ كما في الصِّحاحِ . وفي حديثِ عليٍّ رَضِيَ اللهُ عنه : مَنْ تَرَكَ الجِهَادَ أَلْبَسَهُ اللهُ الذِّلَّةَ وَسِيمَ الخَسْفَ وأَصْلُه أَنْ تَحْبِسَ الدَّابَّةَ بِلاَ عَلَفٍ ثم اسْتُعِيرَ فوُضِعَ مَوْضِعَ الهَوَانِ والذُّلِّ وسِيمَ : أَي كُلِّفَ وأُلْزِمَ . ويُقَال : شَرِبْنَا علَى الْخَسْفِ : أَي : علَى غَيْرِ أَكْلٍ قَالَهُ ابنُ دُرَيْدٍ وابنُ الأَعْرَابِيِّ . ويُقَال : بَاتَ فُلانٌ الْخَسْفَ : أَيْ جَائِعاً نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ هكذا وهو مَجازٌ .
وقال غيرُه : بَاتَ القَوْمُ عَلَى الخَسْفِ : إِذا بَاتُوا جِيَاعاً ليس لهم شيْءٌ يَتَقَوُّتُونَ به وأَنْشَدَ ابنُ دُرَيْدٍ : .
" بِتْنَا علَى الْخَسْفِ لاَ رِسْلٌ نُقَاتُ بِهِحَتَّى جَعَلْنَا حِبَالَ الرَّحْلِ فُصْلاَنَا أَي : لا قُوتَ لنا حتى شَدَدْنَا النُّوقَ بالحِبَالِ لِتَدِرَّ عَلَيْنَا فنَتَقَوَّتَ لَبَنَهَا وقال بِشْرٌ : .
بِضَيْفٍ قد أَلَمَّ بِهِمْ عِشَاءً ... علَى الْخَسْفِ الْمُبَيَّنِ والْجُدُوبِ