وقال اللَّيْثُ : يُقَال : حَالَفَ فُلانٌ فُلاناً فهو حَلِيفَهٌ وبينهما حِلْفٌ لأَنَّهما تحالَفَا بالأَيْمَانِ أَن يكونَ أَمْرُهما وَاحِداً بالْوَفَاءِ فلَمَّ لَزِمَ ذلك عندَهم في الأَحْلاَفِ التي في العَشَائِرِ والقَبَائِلِ صار كلُّ شَيْءٍ لَزِمَ سَبَباً فلم يُفَارِقْهُ فهو حَلِيفُهُ حتى يُقَالَ : فُلانٌ حَلِيفُ الجَودِ وحَلِيفُ الإِكْثَارِ وحَلِيفُ الإِقْلالِ وأَنْشَدَ قَوْلَ الأَعْشَى : .
وشَرِيكَيْنِ في كَثِيرٍ مِنَ الْمَا ... لِ وَكَانَا مُحَالِفَيْ إِقْلاَلِ والْحَلِيفَانِ : بَنُو أَسَدٍ وَطِيِّيءٌ كما في الصِّحاحِ والعُبَابِ . وقال ابنُ سِيدَه : أَسَدٌ وغَطَفَانُ صِفَةٌ لاَزِمَةٌ لهما لُزُومَ الاسْمِ . قال : وفَزَارَةُ وأَسَدٌ أَيْضاً حَلِيفَانِ لأَنَّ خُزَاعَةَ لَمَّا أَجْلَتْ بني أَسَدٍ عن الحَرَمِ خَرَجتْ فَحَالَفَتْ طَيِّئاً ثم حَالَفَتْ بني فَزَازَةَ .
ومِن المَجَازِ : هو حَسَنُ الوَجْهِ حَلِيفُ اللِّسَانِ طَوِيلُ الإِمَّةِ أَي : حَدِيدُهُ يُوَافِقُ صَاحِبَهُ علَى ما يُرِيدُ لِحِدَّتِهِ كأَنَّهُ حَلِيفٌ نَقَلَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ وبهذا يُجَابُ عن قَوْلِ الصَّاغَانِيِّ في آخَرِ التَّرْكِيبِ : وقد شَذَّ عنه لِسَانٌ حَلِيفٌ فتَأَمَّلْ .
وفي حَدِيثِ الحَجَّاجِ أَنه أُتِيَ بيَزِيدَ بنِ المُهَلَّبِ يَرْسُفُ في حَدِيدِهِ فأَقْبَلَ يخْطِرُ بيَدَيْهِ فغَاظَ الحَجَّاجَ فقال : .
" جَمِيلُ المُحَيَّا بَخْتَرِيٌّ إِذَا مَشَى وقد وَلَّى عنه فالْتَفَتَ إِليه فقال : .
" وفي الدِّرْعِ ضَخْمُ المَنْكِبَيْنِ شِنَاقُ فقال الحَجَّاجُ : قَاتلَهُ اللهُ مَا أَمْضَى جَنانَهُ وأَحْلَفَ لِسَانَهُ ! : أَي أَحَدَّ وأَفْصَحَ . والْحَلِيفُ في قَوْلِ سَاعِدَةَ بنِ جُؤْيَّةَ الهُذَلِيِّ : .
" حَتَّى إِذا مَا تَجَلَّى لَيْلُهَا فَزِعَتْمِنْ فَارِسٍ وحَلِيفِ الْغَرْبِ مُلْتَئِمِ قِيلَ : سِنَانٌ حَدِيدٌ أَو فَرَسٌ نَشِيطٌ والقَوْلانِ ذَكَرهما السُّكَّرِيُّ في شَرْحِ الدِّيوان ونَصُّه : يعني رُمْحاً حَدِيدَ السِّنَانِ وغَرْبُ كلُّ شَيْءٍ : حَدُّه ومُلْتَئِم : يَشْبِهُ بَعْضُهُ بَعْضاً لا يكونُ كَعْبٌ منهُ دَقِيقاً والآخَرُ غَلِيظاً ويُقَال : حَلِيفُ الغَرْبِ يَعْنِي فَرَسَهُ والغَرْبُ : نَشاطُهُ وحِدَّتُه . انتهى .
قال الصَّاغَانِيُّ : ويُرْوَى : مُلْتَحِم وقال الأَزْهَرِيُّ : وقَوْلُهم : سِنَانٌ حَلِيفٌ : أَي حَدِيدٌ أُراهُ جُعِلَ حَلِيفاً لأَنَّهُ شبَّه حِدَّةَ طَرَفِهِ بِحِدَّةِ أَطْرَافِ الحَلْفَاءِ وهو مَجَازٌ .
والحُلَيْفُ كزُبَيْرٍ : ع بِنَجْدٍ وقال ابنُ حَبِيبَ : كُلُّ شَيْءٍ في العَرَبِ خُلَيْفٌي بالخَاءِ المُعْجَمَةِ إِلاَّ في خَثْعَم بنِ أَنْمَار حُلَيْفُ بنُ مَازِنِ بن جُشَمَ بنِ حَارِثَةَ بنِ سَعْدِ بنِ عَامِرِ بنِ تَيْمِ اللهِ بنِ مُبَشِّرٍ فإِنَّه بالحاءِ المُهْمَلَةِ .
وذُو الْحُلَيْفَةِ : ع علَى مِقْدارِ سِتَّةِ أَمْيَالٍ مِن الْمَدِينَةِ علَى ساكِنِهَا الصلاةُ والسلامُ مِمَّا يَلِي مَكَّةَ حَرَسَهَا اللهُ وهُوَ مَاءٌ لِبَنِي جُشَمَ ومِيقَاتٌ لِلْمَدِينَة والشَّأْم . هكذا في النُّسَخِ والذي في حديثِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ تعالَى عنهما : وَقَّتَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ لأَهْلِ المَدِينَةِ ذَا الحُلَيْفَةِ ولأَهْلِ الشَّامِ الجُحْفَةَ ولأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ المَنَازِلِ ولأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ فهُنَّ لَهُنَّ ولِمَنْ أَتَى عليهِنَّ من غَيْرِ أَهْلِهِنَّ الحدِيث فتَأَمَّلْ .
ذُو الحُلَيْفَةِ الذي في حَدِيثِ رَافِعِ بنِ خَدِيجٍ رَضِيَ اللهُ تعالَى عَنه : كُنَّا مَعَ النبيِّ صلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ بِذِي الحُلَيْفَةِ مِن تِهَامَةَ وأَصَبْنَا نَهْبَ غَنَمٍ فهو : ع بَيْنَ حَاذَةَ وذَاتِ عِرْقٍ نَقَلَهُ الصَّاغَانِيُّ