قالَ شَيْخُنَا : وقَدْ وَقَعَ في مُحَاضَراتِ الرّاغِبِ ما يَدُلُّ على أنَّ الّذِي قالَ ذلكَ هو الفَضْلُ بنُ سَهْلٍ فإنَّ الرّاغِبَ ذكَرَ في مُحَاضَراتِه باباً منْ الأمَانِيّ بحَسَبِ أحْوَالِ المُتَمَنِّينَ وذكَرَ فيهِ أنْوَاعاً ممّا أسْلَفْنَاهُ قالَ في أوائِلِهِ : قالَ قُتَيْبَةُ بنُ مُسْلِمٍ للحُصَيْنِ بن المُنْذِر : ما تَتَمَنَّى ؟ فقالَ : لِوَاءٌ مَنْشُور وجُلُوسٌ على السَّرِير وسَلامٌ عَلَيْكَ أيُّهَا الأمِير وقِيل : لِعَبْدِ اللهِ بنِ الأهْتَم : ما تَتَمَّنَى فقالَ : تَوْقِيعٌ نافِذ وأمْرٌ جائِز وقيل لحَكيم : تَمَنّ ما تَشاءُ فقالَ : مُحادَثَةُ الإخْوَانِ وكَفافٌ منْ عَيْش والانْتِقالُ من ظِلٍّ إلى ظِلٍّ وقالَ بعضُهُم : العَيْشُ كُلُّه في صِحَّةِ البَدَنِ وكَثْرَةِ المالِ وخُمُولِ الذِّكْرِ ثم قالَ : ووقَعَ للجَاحِظِ أمْثَالُ هذا مُفَرَّقاً في كُتُبهِ على أنْواعٍ منْ هذا وفي هذا القَدْرِ كِفَايَةٌ .
ثمّ قالَ الجَوْهَرِيُّ والتَّوقِيعُ : تَظَنِّي الشَيءِ وتَوَهُّمه يُقَالُ : وَقِّعْ أي : ألْقِ ظَنَّكَ على شَيءٍ وفي المُحْكَمِ : التَّوْقِيعُ بالظَّنِّ والكَلامِ يَعْتَمِدُه ليَقَعَ وهَمْه .
وقالَ اللَّيْثُ : التَّوقيعُ : رَمْيٌ قَرِيبٌ لا تُبَاعِدُه كأنَّكَ تُرِيدُ أنْ تُوقِعَهُ على شَيءٍ وكذلكَ تَوقيعُ الأرْكانِ .
قالَ الجَوْهَرِيُّ : والتَّوقِيعُ : إقْبَالُ الصَّيْقَلِ على السَّيفِ بمِيقَعَتِه يُحَدِّدُه ومِرْماةٌ مُوَقَّعَةٌ .
والتَّوْقِيعُ : التَّعْرِيسُ وهُوَ النُّزُولَ آخِرَ اللَّيْلِ وقَدْ وَقَّعُوا قالَ ذُو الرُّمَّةِ : .
" إذا وَقَّعُوا وَهْناً كَسَوْا حَيْثُ مَوَّتَتْمنَ الجَهْدِ أنْفَاسُ الرِّياحِ الحَواشِكِ وقالَ اللَّيْثُ كما في العُبابِ وفي اللِّسَانِ : قالَ الأصْمَعِيُّ : التَّوقيعُ : نَوْعٌ منَ السَّيْرِ شِبْهُ التَّلْفيفِ وهو رَفْعَهُ يَدَهُ إلى فَوْقُ .
ووَقَعَتِ الحِجَارَةُ الحافِرَ أي : قَطَّعَتْ سَنَابِكَهُ تَقْطِيعاً هكذا نَصُّ العُبابِ ومُقْتَضَى ذلكَ أنَّهُ من الثُّلاثِيِّ و الّذِي في اللِّسَانِ : وقَّعَتِ الحِجَارَةُ الحافِرَ فقطَّعَت سَنَابِكَهُ تَوْقيعاً وهذا أشْبَهُ لسباقِ المُصَنِّف وسياقِه وكِلاهُمَا صَحيحٌ .
قالَ اللَّيْثُ : وإذا أصابَ الأرْضَ مَطَرٌ مُتَفَرِّقٌ أو أخْطَأَ فذلكَ تَوْقِيعٌ في نَبْتِهَا وقالَ غَيْره : هُوَ إصابَةُ المَطَرِ بَعْضَ الأرْضِ وإخْطاؤُه بَعْضاً وقيلَ : هو إنْباتُ بَعْضِهَا دُونَ بَعْضٍ .
ومن المَجَازِ : المُوَقِّعُ كمُعَظَّمٍ الأخِيرُ عن اللِّحْيَانِيِّ : منْ أصابَتْهُ البَلايا نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ الأخيرُ عنِ اللِّحْيَانِيِّ .
والمُوَقِّعُ : المُذَلِّلُ منَ الطُّرُقِ نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ أيْضاً .
والمُوَقَّعُ أيْضاً : البَعِيرُ تَكْثُرُ آثارُ الدَّبَرِ عَلَيْهِ نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ والصّاغَانِيُّ وهوَ مجازٌ زادَ في اللِّسانِ : لكَثْرَةِ ما حُمِلَ عليهِ ورُكِبَ فهُوَ ذَلُولٌ مُجَرَّبٌ أنْشَدَ الجَوْهَرِيُّ للشّاعِرِ : .
فما مِنْكُمُ أفْنَاءَ بكْرِ بنِ وائِلٍ ... لِغارَتِنَا إلا ذَلُولٌ مُوَقَّعُ وأنْشَدَ ابنُ الأعْرَابِيّ للحَكَم بنِ عَبْدَلٍ : .
مِثْلُ الحِمَارِ المُوَقَّعِ الظَّهْرِ لا ... يُحْسِنُ مَشْياً إلا إذا ضُرِبَا وفي حَديثِ عُمَرَ Bه قالَ : منْ يَدُلُّنِي على نَسيجِ وَحْدِه ؟ فقالَ لَهُ أبو مُوسَى رضيَ اللهُ عنه : ما نَعْلَمُه غَيْرَك فقالَ : ما هِيَ إلا إبِلٌ مُوَقَّعٌ ظُهُورُهَا ضَرَبَ ذلكَ مَثَلاً لعُيُوبِه .
وفي الأساسِ : وُقِّعَتِ الدَّابَّةُ بكَثْرَةِ الرُّكُوبِ : سُحِجَتْ فتَحاصَّ عَنْهَا الشَّعَرُ فنَبَتَ أبْيَضَ .
والمُوَقَّعُ : السِّكّينُ المُحَدَّدُ نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ .
وقالَ ابنُ عَبّادٍ : النِّصالُ المُوَقَّعَةُ هي : المَضْرُوبَةُ بالمِيقَعَةِ أي : المِطْرَقَةِ قالَ أبو وَجْزَةَ : .
حَرَّى مُوَقَّعَةٌ ماجَ البَنَانُ بِها ... على خِضَمٍّ يُسَقَّى الماءَ عَجّاجِ