قالَ الأزْهَرِيُّ : فإن احتجَّ مُحْتَجٌ من الرَّوافِضِ بما يُرْوَى عن ابْنِ عباسٍ أنّه كانَ يَرَاها حَلالاً وأنَّه كانَ يَقْرَؤُها : فما اسْتَمْتَعتم بهِ منْهُنَّ إلى أجَلٍ مُسَمَّى فالثّابتُ عِنْدَنا أنَّ ابنَ عبّاسٍ كانَ يرَاها حلالاً ثُمَّ لمّا وقَفَ على نَهْي النبيِّ A رَجَع عنْ إحلالِها .
ثُمَّ قالَ : وقد صحَ النَّهْيُ عن المُتْعَةِ الشَّرْطِيَّةِ من جِهَاتٍ لو لَمْ يكُنْ فيهِ إلاّ ما رُويَ عن أميرِ المؤمنينَ عليِّ بنِ ابي طالبٍ رضيَ اللهُ عنه ونَهْيهِ ابنَ عبّاسٍ عَنْهَا لكانَ كافياً وقَدْ كانَ مُباحاً في أوَّلِ الإسْلامِ ثمَّ حُرِّمَ وهو الآنَ جائِزٌ عنْدَ الشِّيعَةِ .
ومن المَجَازِ أيْضاً : مُتْعَةُ الحَجِّ وهو : أن تَضُمّ عُمْرةً إلى حَجِّكَ وقد تمَتَّعْتَ وصُورَتُه : أنْ يُحْرِمَ بالعُمْرَةِ في أشْهُرِ الحَجِّ فإذا أحْرَمَ بالعُمْرَةِ بَعْدَ إهْلالِهِ شَوّالاً فقَدْ صارَ مُتَمَتِّعاً بالعُمْرَةِ إلى الحَجِّ وسُمِّيَ بهِ لأنَّهُ إذا قَدِمَ مَكَّةَ وطافَ بالبيتِ وسَعَى بينَ الصَّفَا والمَرْوةَ حَلَّ منْ عُمْرَتهِ وحَلَقَ رأسَهُ وذَبحَ نُسُكَه الواجِبَ عليهِ لتَمَتُّعِه وحَلَّ لَهُ كلُّ شَيءٍ كانَ حَرُمَ عليهِ في إحْرامِهِ منَ النِّساءِ والطِّيبِ ثمَّ يُنشئُ بعدَ ذلكَ إحْراماً جَديداً للحَجِّ وقْتَ نُهُوضِه إلى مِنىً أو قَبْلَ ذلكَ منْ غَيْرِ أنْ يجبَ عليهِ الرُّجُوعُ إلى المِيقاتِ الّذِي أنْشَأَ مِنْهُ عُمْرَتَه فذلك تَمَتُّعهُ بالعُمْرة إلى الحجِّ أي : انتْفاعُه وتَبلُّغُه بما انْتَفعَ بهِ منْ حلْقٍ وطِيبٍ وتنَظُّفٍ وقضاءِ تَفثٍ وإلمامٍ بأهلهِ إنْ كانتْ معَهُ كذا في النِّهَايَةِ .
والمُتْعَةُ : ما يُتَبَلَّغُ بهِ منَ الزّادِ ويُكْسَرُ فيهما أي : في الزّادِ وعُمْرةِ الحَجِّ ج : مُتَعٌ كصُرَدٍ وعِنَبٍ فيهِ لَفٌّ ونَشْرٌ مُرَتَّبٌ .
والمُتْعَةُ : بالضَّمِّ : الدَّلُو والسّقاءُ والرِّشاءُ لأنَّ كُلاً من ذلك يُتَمَتَّعُ بهِ .
وقيلَ : المُتْعَةُ الزّادُ القَليلُ والبُلْغَةُ من العَيشِ لا يَخْفَى أنَّ هذا معَ قَوْلِه قَريباً : ما يُتَبَلغُ بهِ تَكرارٌ فتأمَّلْ ويَقُولُ الرَّجُلُ لصاحِبه : ابْغِني مُتْعَةً أعِيشُ بها أي أبغِ لي شَيئاً آكُلُه أو زاداً أتزَوَّدُه أو قُوتاً اقْتاتُه .
ومن ذلكَ : المُتْعَةُ : ما يُتَمَتَّعُ بهِ من الصَّيْدِ والطَّعامِ والجَمْعُ : مُتَعٌ ومنْهُ قَوْلُ الأعْشى يَصِفُ مَهاةً : .
حتى إذا ذَرَّ قَرْنُ الشَّمْسِ صَبَّحَها ... منْ آلِ نَبْهانَ يَبْغِي صَحْبَهُ المُتَعا أي : صَيْداً يَعِيشُونَ بهِ ويُكْسَرُ في الثَّلاثَةِ الأخِيرَةِ نَقَلَه اللَّيثُ عن بَعْضٍ والجَمْعُ : مِتَعٌ كعِنَبٍ .
ومن المَجَازِ : مُتْعَهُ المَرْأةِ : ما وُصِلَتْ بهِ بَعْدَ الطَّلاقِ منْ ثَوْبٍ أو طَعَامٍ أوْ دَرَاهِمَ أو خادِمٍ منْ غَيْرَ أنْ يَكُونَ لهُ لازِماً ولكنْ سُنَّةً وقَدْمَتَّعَها تَمْتِيعاً وقَوْلُه تعالَى : ومَتِّعُوهُنَّ على المُوسِعِ قَدَرُهُ وعلى المُقْتِرِ قَدَرُه أي : أعْطُوهُنَّ ما يَسْتَمْتِعْنَ بهِ ولَيسَ بمَعْنَى زَوِّدُوهُنَّ المُتَعَ قالَه الأزْهَرِيُّ .
وأمْتَعَهُ اللهُ بكذا : أبْقَاهُ ليَتَمَتَّعَ بهِ فيما يُحِبُّ منَ الانْتِفَاعِ بهِ والسُّرُورِ بمَكانِهِ وقيلَ : مَتَّعَهُ اللهُ وأمْتَعَهُ : أطالَ لَهُ الانْتِفَاعَ بهِ وهو مجازٌ وقَرَأ ابنُ عامِرٍ فأُمْتِعُهُ قَلِيلاً بالتَّخْفيفِ أي : أُوَّخِّرُهُ وقولهُ تعالى : يُمَتِّعْكُمْ مَتاعاً حَسَناً أي : يُبْقِكُمْ بَقَاءً في عافِيَةٍ إلى وَقْتِ وَفَاتِكُمْ ولا يَسْتَأْصِلْكُمْ بالعَذابِ وأنْشأهُ بالشِّينِ المُعْجَمَةِ وفي بَعْضِ النُّسَخِ بالسِّين المُهْمَلَةِ وهو صَحيحٌ أيْضاً أي : أخَّرَه إلى أنْ يَنْتَهِيَ شَبَابُه كمَتَّعَهُ تَمْتِيعاً .
وأمْتَعَ عَنْهُ : اسْتَغْنَى حَكاهُ أبو عَمْروٍ عن النُّمَيْرِيِّ كما في الصِّحاحِ .
وأمْتَعَ بمالِهِ : تَمَتَّعَ وهُوَ قَوْلُ أبي زَيْدٍ وأبي عَمْروٍ ونَصُّ الأوّلِ : أمْتَعْتُ بالشَّيءِ : تَمَتَّعْتُ بهِ وأنْشَدَ الرّاعِي :