أي من لم يُدارِ الناسَ في أمورِهم غلَبوه وقهروه وأذَلُّوه . منَ المَجاز : المُصانَعةُ في الفرَسِ : أن لا يُعطي جميعَ ما عندَه من السَّيْر وله صَوْنٌ يَصُونُه الأَوْلى حَذْفُ الواوِ من ولَهُ فهو يُصانِعُك ببَذلِه سَيْرَه كما في العُباب . وفي الأساس : كأنّه يُوافي فيما يَبْذُلُ منه ويَصُونُ بَعْضَه . ومنه : صانَعْتُ فلاناً : دارَيْتُه . قلتُ : فإذن المُصانَعةُ بمعنى الرِّشوةِ من مجازِ المَجازِ فافْهَمْ وَتَأَمَّلْ . والاصْطِناع : المُبالَغةُ في إصلاحِ الشيءِ قاله الراغبُ قال : منه قَوْله تَعالى : " واصْطَنَعْتُكَ لنَفسي " تأويلُه : اخْتَرتُك لإقامةِ حُجَّتي وجَعَلْتُكَ بَيْنِي وبَيْنَ خَلْقِي حتى صِرتَ في الخِطابِ عنِّي والتَّبْليغِ بالمنزلةِ التي أكونُ أنا بها لو خاطَبْتُهم واحْتَجَجْتُ عليهم . وقال الأَزْهَرِيّ : أي رَبَّيْتُكَ لخاصَّةِ أمرٍ أَسْتَكفيكَه في فِرعَون وجُنودِه وفي حديثِ آدَم : قال لموسى : أنتَ كَليمُ اللهِ الذي اصْطَنَعَكَ لنَفسِه . قال ابنُ الأثير : هذا تمثيلٌ لما أعطاه اللهُ من المَنزِلةِ والتقريب . يقال : اصْطَنَعَ فلانٌ خاتَماً إذا أَمَرَ أن يُصنَع له كما يقال : اكْتَتبَ أي أَمَرَ أن يُكتَب له والطاءُ بدَلٌ من تاءِ الافْتِعال لأجلِ الصادِ . ومِمّا يُسْتَدْرَك عليه : اسْتَصْنَعَ الشيءَ : دَعا إلى صُنعِه كما في اللِّسان وفي العُباب : اسْتَصنَعه : سألَ أن يُصنَعَ له وقولُ أبي ذُؤَيْبٍ : .
إذا ذَكَرَتْ قَتْلَى بكَوْساءَ أَشْعَلتْ ... كواهِيَةِ الأخْرابِ رَثٍّ صُنوعُها قال ابنُ سِيدَه : صُنوعُها : جَمْعٌ لا أعرفُ له واحداً . قلتُ : وقال السُّكَّريُّ في شرحِ الدِّيوان : كواهِيَةِ الأخرابِ يعني : المَزادَةَ أو الإداوَة وصُنوعُها : خُرَزُها ويقال : سُيورُها التي خُرِزَتْ بها ويقال : عمَلُها : فيكون حينَئِذٍ مصدراً . وحكى ابنُ درسْتَوَيْه : صَنِعَ صَنَعَاً : مثل : بَطِرَ بَطَرَاً فهو صَنِعٌ أي ماهِرٌ وقال غيرُه : امرأةٌ صَنيعَةٌ بمعنى صَنَاعٍ وأنشدَ لحُمَيْدٍ بنِ ثَورٍ : .
أطافَتْ به النِّسْوانُ بَيْنَ صَنيعَةٍ ... وبينَ التي جاءَتْ لكَيْما تعَلَّما وهذا يدلُّ على أنَّ اسمَ الفاعِل من صَنَعَ صَنيعٌ ؛ لأنّه لم يُسمَع صَنِعٌ قاله ابنُ بَرّيّ : وفي المثَل : لا تَعْدَمُ صَنَاعٌ ثَلَّة . الثَّلَّة : الصُّوفُ والشَّعرُ والوبَر . وقال الإيادِيُّ : سَمِعْتُ شَمِرَاً يقول : رجلٌ صَنِعٌ وقومٌ صَنْعُون بسكونِ النون . وامرأةٍ صَنَاعُ اللِّسان : سَليطَةٌ قال الراجز : .
" وهي صَناعٌ باللِّسانِ واليَدِ وقومٌ صَناعِيَةٌ : يَصْنَعونَ المالَ ويُسَمِّنونَ فُصْلانَهم ولا يَسْقُون ألبانَ إبلِهم الأضيافَ وقد مرَّ شاهِدُه من قولِ عامرِ بنِ الطُّفَيلِ في صلمع . والصَّنيع كأميرٍ : الثوبُ الجيِّدُ النَّقِيُّ كما في اللِّسان والأساس وهو مَجاز . وقولُ نافِعِ بنِ لَقيطٍ : .
مُرُطُ القِذاذِ فَلَيْسَ فيه مَصْنَعٌ ... لا الرِّيشُ يَنْفَعُه ولا التعقيبُ فسَّرَه ابْن الأَعْرابِيّ فقال : مَصْنَعٌ أي ما فيه مُستَملَحٌ وقد تقدّم ذِكرُ الأبياتِ في ريش وفي مرط . والصِّنْع بالكَسْر : الحَوضُ . وقيل : شِبهُ الصِّهريجِ وقيل : إنَّ الصُّنوعَ واحدُها صُنْعٌ والمَصانيع : جَمْعُ مَصْنَعة زيدت الياءُ في ضَرورةِ الشِّعرِ ويجوزُ أن يكونَ جَمْعَ مَصْنُوعِ ومَصْنُوعةٍ كَمَكْسورٍ ومَكاسيرَ . والصِّنْع بالكَسْر : الحِصنُ وبه فُسِّرَ الحديثُ : " من بَلَغَ الصِّنْعَ بسَهْمٍ " . والمَصانِع : مَواضِعُ تُعزَلُ للنَّحلِ مُنتَبِذَةً عن البيوت واحدتُها مَصْنَعة حكاه أبو حَنيفة . والصُّنْع بالضَّمّ : الرِّزْق . واصْطَنَعَه : قدَّمَه . ويقال : هو مُصْطَنعَةُ فلانٍ أي صَنيعَتُه نقله الزَّمَخْشَرِيّ . وصانَعَه عن الشيءِ : خادَعه عنه . ويقال : صانَعْتُ فلاناً أي رافَقْتُه . والأَصْناع : مَوْضِعٌ قال عَمْرُو بنُ قَميئَةَ : .
وَضَعَتْ لَدى الأَصْناعِ ضاحِيَةً ... فهي السُّيُوبُ وحُطَّتِ العِجَلُ