وفي الحديث : " صَنائِعُ المَعروفِ تَقِي مارِعَ السُّوءِ " . ومنَ المَجاز : هو صَنيعي وصَنيعَتي أي اصْطَنَعْتُه ورَبَّيْتُه وخرَّجْتُه وأدَّبْتُه . وقَوْله تَعالى : " ولِتُصْنَعَ على عَيْنِي " أي لتَنزِلَ بمَرْأَىً مِنِّي . قاله الأَزْهَرِيّ وقيل : مَعْنَاه لتُغَذَّى وقال الراغبُ : هو إشارةٌ إلى نَحْوِ ما قال بعضَ الحُكَماءِ : إنّ اللهَ عزَّ وجلَّ إذا أَحَبَّ عَبْدَاً تفَقَّدَه كما يَتَفَقَّدُ الصَّديقُ صَديقَه . انتهى . ومن ذلك : صَنَعَ جارِيَتَه إذا رَبَّاها وصَنَعَ فَرَسَه إذا قامَ بعَلَفِه وتَسْمينِه . يُقال صُنِعَتِ الجارِيَةُ كعُنِيَ أي أُحسِنَ إليها حتّى سَمِنَتْ كصُنِّعَتْ بالضَّمّ تَصْنِيعاً أو صَنَعَ الفرَسَ بالتخفيفِ وصَنَّعَ الجارِيَةَ بالتشديدِ قاله الليثُ أي أَحْسَنَ إليها وسَمَّنَها قال : لأنَّ تَصْنِيعَ الجارِيَةِ لا يكونُ إلاّ بأشياءَ كَثيرَةٍ وعِلاجٍ بخِلافِ صَنْعَةِ الفرَسِ ففرَّقَ بينهما بالتشديد ؛ ليَدُلَّ على معنى التكثير . قال الأَزْهَرِيّ : وغيرُ الليثِ يُجيزُ صَنَعَ جارِيَتَه بالتخفيف كما تقدّم ومنه قَوْله تَعالى : " ولِتُصْنَعَ على عَيْنِي " . وصُنْعٌ بالضَّمّ : جبَلٌ بدِيارِ بَني سُلَيْمٍ . يقال : رجلٌ صِنْعُ اليَدَيْن وكذا صِنْعُ اليَدِ بالكَسْر فيهما إذا أُضيفَتْ قال الطِّرْماحُ : .
وَرَجَا مُوادَعَتي وأَيْقَنَ أنَّني ... صِنْعُ اليَدَيْنِ بحيثُ يُكْوى الأَصْيَدُ رجلٌ صَنَعٌ بالتحريك إذا أَفْرَدْتَ فهي مَفْتُوحَةً مُحرّكةً كما في اللِّسان وسِياقُ الجَوْهَرِيّ والصَّاغانِيّ يُخالِفُ ذلك فإنّهما قالا : وكذلك رجلٌ صَنَعُ اليَدَيْن بالتحريك فحَرَّكا مع الإضافة وأنشدَ لأبي ذُؤَيْبٍ : .
وَعَلَيهِما مَسْرُودَتانِ قَضاهُما ... داوودَ أو صنَعُ السَّوابِغِ تُبَّعُ قال الجَوْهَرِيّ : هذه روايةُ الأَصْمَعِيّ ويُروى : صِنْعَ السَّوابِغ . وأنشدَ الصَّاغانِيّ لذي الإصْبَعِ العَدْوانِيِّ : .
تَرَّصَ أَفْوَاقَها وقوَّمَها ... أَنْبَلُ عَدْوَانَ كلِّها صَنَعَا وفي حديثِ عمر - Bه - لمّا جُرِحَ قال لابنِ عَبّاسٍ : انْظُرْ مَن قَتَلَني ؟ فجالَ ساعةً ثمّ أتاه فقال : غُلامُ المُغيرَةِ بنِ شُعبَةَ فقال : الصَّنَع ؟ قال : الصَّنَع قال : مالَه . وقاتَلَه اللهُ واللهِ لقد كنتُ أَمَرْتُ به مَعْرُوفاً . كذا رجلٌ صَنيعُ اليَدَيْن كأميرٍ وصَناعُهُما كَسَحَابٍ ولا يُفرَدُ صَناعُ اليدِ في المُذَكَّرِ أي حاذِقٌ ماهِرٌ في الصَّنعَةِ مُجيدٌ من قومٍ صُنْعى الأيْدي بضمَّةٍ صُنُعِ الأيدي بضمَّتَيْن وَصَنَعى الأيدي بفَتحتَيْن وصِنْعِي الأيدي بكسرةٍ الأخيرةُ جمعٌ لصِنْع اليد بالكَسْر والثانيةُ جَمْعُ صَناع اليدِ كَقَذَالٍ وقُذُلٍ وأَصْنَاعُ الأيدي جَمْعُ صِنْعِ اليدِ بالكَسْر كطِرْفٍ وأَطْرَافٍ أو جَمْعُ صَنيعِ اليدِ كشَريفٍ وأَشْرَاف . وقال ابنُ بَرِّيّ : وجَمْعُ صَنَعٍ - عند سيبويه - : صَنَعُون لا غير وكذلك صِنْعٌ يقال : صِنْعُو اليدِ وجَمْعُ صَناعٍ صُنُعٌ وقال ابنُ دَرَسْتَوَيْه : صَنَعٌ مصدرٌ وُصِفَ به مثل دَنَفٍ وَقَمَنٍ . والأصلُ فيه عنده الكسر صَنِعٌ ؛ ليكونَ بمنزلةِ دَنِفٍ وقَمِنٍ وحُكِيَ رِجالُ صُنُعٌ ونِسوَةٌ صُنُعٌ بضمتَيْنِ عن سيبويه أي : من غيرِ إضافَةٍ إلى الأيدي . منَ المَجاز : رجلٌ صَنَعُ اللِّسان مُحرّكةً ولِسانٌ صَنَعٌ كذلك يقال ذلك للشاعرِ الفَصيحِ ولكلِّ بَليغٍ بَيِّنٍ قال حَسّانُ بنُ ثابِتٍ - رَضِيَ الله عنه - : .
أَهْدَى لهم مِدَحِي قَلْبٌ يُؤازِرُه ... فيما أرادَ لِسانٌ حائِكٌ صَنَعُ