وقالَ اللَّيْثُ : وأَمّا قَطُّ فإِنَّهُ هو الأَبَدُ الماضِي تَقُول : مَا رَأَيْتُ مِثْلَهُ قَطُّ وهُوَ رَفْعٌ لأَنَّهُ مِثْلُ قَبْلُ وبَعْدُ قالَ : وأَمَّا القَطّ الّذِي في مَوْضِعِ : ما أَعْطَيْتُه إلاّ عِشْرِينَ قَطِّ فإِنَّهُ مَجْرُورٌ فَرْقاً بين الزَّمانِ والعَدَدِ . وقَطُّ مَعْنَاها الزَّمانُ . وإِذا كانَتْ بمَعْنَى حَسْبُ فَقَطْ مَفْتُوحَةُ القافِ ساكِنَةُ الطّاءِ كعَنْ قالَ سِيبَوَيْهِ : مَعْنَاهَا الاكْتِفَاءُ وقد يُقَالُ : قَطٍ مُنَوّناً مَجْرُوراً وقَطِي وقال سِيبَوَيْهِ : قَطُ معناهَا : الانْتِهَاءُ وبُنِيَتْ على الضَّمِّ كحَسْبُ هكَذا هو في اللِّسَانِ . وقال شيخُنَا : هذِه عِبَارَةٌ غيرُ جارِيَةٍ على القَوَاعِدِ لأَنَّ قَضِيَّةَ التَّعْبِيرِ بالمَجْرُورِ أَنْ تكونَ مُعْرَبةً ولا تُعرَب فتأَمَّلْ والنَّظَرُ في قَطِي أَظْهَرُ فإِنَّهَا حِينَئِذٍ مُضَافَةٌ إِلى الياءِ فلا حاجَةَ إِلى ذِكْرِها كذلِكَ وتَحْقِيقُه في المُغْنِي وشُرُوحُه . وعِبَارَةُ الصّحاحِ : فأَمّا إِذا كانَتْ بمَعْنَى حَسْبُ وهو الاكْتِفَاءُ فهي مَفْتُوحةٌ ساكِنَةُ الطّاءِ تَقُول : ما رَأَيْتُه إلاّ مَرّةً وَاحِدَةً فقَطْ فإِذا أَضَفْتَ قُلْتَ : قَطْكَ هذا الشَّيْءُ أَي حَسْبُكَ وقَطْنِي وقَطِي وقَطْ . قلتُ : وفي الحَدِيث في ذِكْرِ النّارِ : حَتَّى يَضَعَ الجَبَّارُ قَدَمَهُ فِيها فتَقُول : قَطْ قَطْ بمَعْنى حَسْبُ قال ابنُ الأَثِيرِ : وتَكْرارُهَا للتَّأْكِيدِ وهي ساكِنَةُ الطّاءِ . وقال : ورَواهُ بعضُهم قَطْنِي أَي حَسْبِي . وإِذا كان اسْمَ فِعْلٍ بمَعْنى يَكْفِي فتُزادُ نُونُ الوِقايَةِ ويُقالُ : قَطْنِي قال : شيْخُنا : هو الَّذِي جَزَمَ بهِ جَماعَةٌ منهم الشَّيْخُ ابنُ هِشامٍ . وفي اللِّسَانِ : وزادُوا النُّونَ في قَطْ فقالُوا : قَطْنِي لم يُرِيدُوا أَنْ يَكْسِرُوا الطّاءَ لئَلاَّ يَجْعَلُوهَا بمَنْزِلَة الأَسْمَاءِ المُتَمَكِّنَةِ نحو : يَدِي وهَنِي وقال بَعْضُهُم : قَطْنِي : كَلِمَةٌ مَوْضُوعةٌ لا زِيَادَةَ فِيها كحَسْبِي قال الرّاجِزُ : .
امْتَلأَ الحَوْضُ وقال قَطْنِي ... سَلاًّ رُوَيْداً قد مَلأْتَ بَطْنِي ويُرْوَى : مَهْلاً رويداً . وأَنْشَدَ الجَوْهَرِيُّ هذا الرَّجَزَ هكذا وقال : وإِنَّما دَخَلَتِ النُّونُ لِيَسْلَمَ السُّكُونُ الَّذِي بُنِيَ الاسْمُ عليه وهذِه النُّونُ لا تَدْخُلُ الأَسْمَاءَ وإِنَّمَا تَدْخُلُ الفِعْلَ الماضِيَ إِذا دَخَلَتْهُ ياءُ المُتَكَلِّم كقَوْلِك : ضَرَبَنِي وكَلَّمَنِي لتَسْلَمَ الفَتْحَةُ التي بَنِيَ الفعلُ عليها ولِتَكُونَ وِقَايَةً لِلفِعْلِ من الجَرِّ وإِنَّما أَدْخَلُوهَا في أَسْمَاءِ مَخْصُوصَةٍ نحو : قَطْنى وقَدْنِي وعَنِّي ومِنِّي ولَدُنِّي لا يُقَاسُ عليها ولو كانت النُّونُ من أَصْلِ الكَلِمَةِ لقالُوا : قَطْنُكَ وهذا غيرُ معلومٍ . انتهى