قال : ومَنَابتُ الحُمَّاضِ الشُّعَيْبَاتُ ومَلاجِيءُ الأَوْديَةِ وفِيها حُمُوضَةٌ وربّمَا نَبَّتَها الحاضِرَةُ في بَسَاتِينِهم وسَقُوْهَا ورَبَّوْها فلا تَهِيجُ وَقْتَ هَيْجِ البُقُولِ البَرِّيَّةِ . وفي المِنْهَاج : الحُمَّاضُ بَرِّيّ وبُسْتَانِيّ والبَرِّيُّ يُقَال له السِّلقُ وليس في البّرِّيّ كُلّه حُمُوضَة . والبُسْتَانيّ يُشْبِه الهِنْدَبَا فيه حُمُوضَة ورُطُوبَة فَضْليَّة لَزِجَةٌ وأَجْوَدُه البُسْتَانِيّ الحَامضُ . انْتَهَى . " وكلاَهُمَا " أَي المُرُّ والعَذْبُ أَو البُسْتَانيّ والبَرِّيّ " نافعٌ للعَطَشِ و " الْتهَابِ " الصَّفْرَاءِ " يُقَوِّي الأَحْشَاءَ يُسَكِّنُ " الغَثَيَانَ والخَفَقَانَ الحارّ والأَسْنَانَ الوَجِعَةَ و " يَنْقَعُ من " اليَرَقَانِ " الأَسْوَدِ وَيَنْقَعُ ضمَاداً إِذا طُبِخَ للْبَرَض والقَوْبَاءِ ويُضَمَّدُ به الخَنَازِيرُ حَتَّى قيلَ إِنَّهُ إِذا عُلِّقَ في عُنُق صاحبِ الخَنَازير نَفَعَهُ وهو مَعَ الخَلِّ نافعٌ للجَرَبِ ويُمْسك الطَّبْعَ ويَقْطَعُ شَهْوَةَ الطِّين . " وبِزْرُهُ " بَاردٌ في الأُولَى وفيه قَبْضٌ يَعْقِلُ الطَّبْعَ خاصَّةً إِذا قُلِيَ . وقالُوا : " إِنْ عُلِّق في صُرَّةٍ لَمْ تَحْبَلْ ما دَامَتْ " عليها وهو نافِعٌ من لَسْعِ العَقارِبِ وإِذَا شُرِبَ من البِزْرِ قَبْلَ لَسْعِ العَقْرَبِ لم يَضُرَّ لَسْعُهَا . " ويُقَال : لِمَا في جَوْفِ الأُتْرُج حَماضٌ " بارِدٌ يابِسٌ في الثَّالثَةِ يَجْلُوا الكَلَفَ واللَّوْنَ طِلاَءً ويَقْمَعُ الصَّفْرَاءَ ويُشَهِّي الطَّعَامَ ويَنْفَعُ من الخَفَقَانِ الحَارِّ . ويُطَيِّبُ النَّكْهَةَ مَشْرُوباً ويَنْفَعُ من الإِسْهَال الصَّفْرَاوِيّ ويُوَافقُ المَحْمُومينَ . " والتَّحْمِيضُ : الإِقْلالُ من الشِّيْءْ " . يُقَالُ : حَمَّضَ لَنَا فُلانٌ في القرَى أَي قَلَّلَ وكَذلَكَ التَّحْبِيضُ . " والمُسْتحْمِضُ : اللَّبَنُ البَطيءُ الرَّوْبِ " نَقَلَه ابنُ عَبَّاد . " ومَحْمُودُ بنُ عَلِيٍّ الحُمُّضيُّ بضَمَّتَين مُشَدَّدَةً : مُتَكَلِّمٌ شَيْخٌ للفَخْرِ الرَّازِيّ " . وقد تَقَدَّم للمُصَنِّفِ في الصَّاد أَيضاً . وذَكَرْنا هُنَاكَ أَنَّه هو الصَّوابُ وهكذا ضَبَطَهُ الحَافظُ وغَيْرُه فإِيرادُهُ هُنَا ثَانِياً تَطْوِيلٌ مُخِلٌّ لا يَخْفَى فَتأَمَّلْ . وممّ يُسْتَدْرَك عليه : قَوْلُهُم : اللَّحْمُ حَمْضُ الرِّجَالِ وقَولُهُم للرَّجُل إِذَا جاءَ مُتَهَدِّداً : أَنْتَ مُخْتَلٌّ فتَحَمَّضْ نَقَلَه الجَوْهَرِيّ والصَّاغَانِيّ والزَّمَخْشَرِيّ وهو مَجَازٌ وقال ابنُ السِّكِّيت في " كِتَاب المَعَانِي : " حَمَّضْتُهَا يَعْنِي الإِبِلَ تَحْمِيضاً أَي رَعَّيْتُهَا الحَمْضَ . ومن المَجَازِ قولُهم : .
" جَاءُوا مُخِلِّينَ فَلاَقَوْا حَمْضَا أَي جاءُوا يَشْتَهُونَ الشَّرَّ فوَجَدُوا مَنْ شَفَاهُمْ مِمّا بِهِم . ومثلُه قولُ رُؤْبة : .
" ونُورِدُ المُسْتَوْرِدينَ الحَمْضَا أَي مَنْ أَتانَا يَطْلُب شَرّاً شَفَيْنَاه مِنْ دَائه وذلِكَ أَنَّ الإِبِلَ إِذا شَبِعَتْ من الخُلَّةِ اشْتَهَتِ الحَمْضَ . وإِبِلٌ حَمَضِيَّة بالتَّحْرِيك لُغَةٌ في حَمْضِيَّة بالتَّسْكِين على غَيْرِ قِيَاس . وأَحْمَضَتِ الأَرْضُ فهي مُحْمِضَةٌ : كَثِيرَةُ الحَمْضِ وكَذلِك حَمْضِيَّةٌ . وقد أَحْمَضَ القَوْمُ أَي أَصَابُوا حَمْضاً . ووَطِئْنَا حُمُوضاً من الأَرْضِ أَي ذَوَاتِ حَمْضِ . والمُحَمِّضُ من العِنَبِ كمُحَدِّث : الحَامِضُ . وحَمَّضَ تَحْمِيضاً : صار حَامِضاً . وفُؤَادٌ حَمْضٌ بالفَتح ونَفْسٌ حَمْضَةٌ : تَنْفِرُ من الشِّيْءِ أَوّلَ ما تَسْمَعُه . قال دُرَيْدُ بنُ الصِّمَّةِ : .
إِذا عِرْسُ امْرِئٍ شَتَمَتْ أَخَاهُ ... فلَيْسَ فُؤَادُ شانِيهِ بحَمْضِ