" يَنْشَقُّ عَنِّي الحَزْنُ والبِرِّيتُ .
" والبِيضَةُ البَيْضَاءُ والخُبُوتُ هكَذا رَوَاه شَمِرٌ عن ابْنِ الأَعْرَابِيّ بكَسْرِ البَاءِ قال ابنُ عَبَّادٍ : البِيضَةُ : " لَوْنٌ من التَّمْرِ ج البِيضُ " بالكَسْر أَيضاً . من المَجَازِ قَوْلُهُم : سَدَّ " ابْن بِيضٍ " الطَّرِيقَ بالكَسْر " وقد يُفْتَح " كما هُوَ في الصّحاح . ووجدتُ في هَامِشِه بخَطّ أَبِي زَكَرِيّا قال أَبُو سَهْلٍ الهَرَوِيّ : هكذا رأَيتُ بخَطّ الجَوْهَرِيّ بفَتْحِ البَاءِ . وكذَا رَوَاهُ خَالُه أَبُو إِبْرَاهِيمَ الفَارَابِيّ في دِيوَانِ الأَدَبِ . " أَو هو وَهَمٌ للجَوْهَرِيّ " قال أَبو سَهْلٍ : والَّذِي قَرَأْتُه على شيْخِنَا أَبِي أُسَامَةَ بكَسْرِ البَاءِ وهكذا رَأَيْتهُ بخَطِّ جَمَاعَةٍ من العُلَمَاءِ باللُّغَة بكَسْرِ البَاءِ وهكذا نَقَلَه ابنُ العَدِيم في تَارِيخ حَلَب . قُلْتُ : والصَّوابُ أَنَّه بالكَسْرِ والفَتْح كما نَقَلَه الصَّاغَانِيّ وغيْرُه وبِهِمَا رُوِيَ قَوْلُ عَمْرِو بنِ الأَسْوَد الطُّهَوِيّ : .
سَدَدْنَا كما سَدَّ ابنُ بِيض طَرِيقَهُ ... فلَمْ يَجِدُوا عِنْدَ الثَّنِيَّةِ مَطْلَعَا وكذا قَوْل عَوْفِ بنِ الأَحْوَصِ العَامِرِيّ : .
سَدَدْنَا كما سَدَّ ابْن بَيْض فلم يَكُن ... سِوَاهَا لِذِي الأَحْلاَمِ قَوْمِيَ مَذْهَبُ والجَوْهَرِيّ لم يُصَرَّح بالفَتْح ولا بالكَسْر وإِنَّمَا هو ضَبْط قَلَمٍ فَلا يُنْسَب إِليه الوَهَمُ في مِثْل ذلِكَ على أَنَّ له أُسْوَةً بخَاله وكَفَى به قُدْوَةً . وأَمّا ابنُ بَرِّيّ فقد اخْتَلَفَ النَّقْلُ عنه في التَّعْقِيب . وقال رَضِيُّ الدينِ الشَّاطِبِيّ على حَاشِيَة الأَمَالي لابْنِ بَرِّيّ ما نَصُّه : وأَبو مُحَمَّد رَحِمَهُ الله حَمَلَ الفَتْحَ في بَاءِ الشَّاعِر على فَتْح البَاءِ في صَاحِبِ المَثَل فعَطَفَه عَليه أَيْ أَنَّ الشَّاعِرَ الذِي هو حَمزَةُ بنُ بِيضٍ وسَيَأْتي ذِكْرُه بكَسْرِ البَاءِ لاَ غيْر فتَأَمَّلْ : " تَاجِرٌ مُكْثِرٌ من عَادٍ " كَذَا نَصُّ المُحِيط . وقال ابنُ القَطَّاعِ : أَخبَرنَا أَبُو بَكْرٍ اللُّغَوِيُّ أَخبَرَنا أَبُو مُحَمَّدٍ إِسْمَاعِيلُ بنُ مُحَمَّدٍ النَّيْسَابُورِيّ أَخبَرنَا أَبو نَصْرٍ الجَوْهَرِيّ قال : قال الأَصْمَعِيّ : ابنُ بَيْضٍ كَانَ في الزَّمَن الأَوّلِ " عَقَرَ نَاقَتَهُ عَلَى ثَنِيَّةٍ " وعند ابنِ قُتيْبَة : نَحَرَ بَعِيراً له على أَكَمَةٍ " فسَدَّ بِهَا الطَّرِيقَ ومَنَعَ النَّاسَ مِنْ سُلُوكِهَا " . وقال المُفَضَّلُ : كَانَ ابنُ بَيْض رَجُلاً من عَادٍ تاجِراً مُكْثِراً فكانَ لُقْمَانُ بنُ عَادٍ يَخْفِره في تِجَارَته ويُجِيزُه على خَرْجٍ يُعْطِيه ابنُ بَيْضِ يَضَعُه له على ثَنِيَّةٍ إِلى أَن يَأْتِيَ لُقْمَانُ فيَأْخُذَه فإِذَا أَبْصَرَهُ لُقْمَانُ قَد فَعَل ذلِكَ . قال : " سَدَّ ابنُ بَيْضٍ السَّبِيلَ " أَي لم يَجْعَلْ لي سَبِيلاً على أَهْلِهِ ومَالِهِ . وذكر ابنُ قُتَيْبَةَ عن بَعْضِهِم : هو رَجُلٌ كانَت عليه إِتَاوَةٌ فهَرَبَ بها فاتَّبَعه مُطَالِبُهُ فَلمَّا خَشِيَ لَحَاقَهُ وَضَعَ ما يُطَالِبُه به على الطَّرِيقِ ومَضَى فلَمَّا أَخَذ الإِتَاوَةَ رَجَعَ وقَال هذَا المَثَلَ أَي مَنَعَنا من اتِّبَاعَه حِينَ أَوْفَى بِمَا عَليْه فكَأَنَّه سَدَّ الطَّرِيق . وقَال بَشَامَة بن عَمْرو : .
وإِنَّكمُ وعَطَاءَ الرِّهَانِ ... إِذَا جَرَّت الحَرْبُ جُلاًّ جَلِيلاَ .
كثَوْبِ ابْنِ بَيْضٍ وَقاهُمْ بِهِ ... فسَدَّ على السَّالِكِين السَّبِيلاَ