أَي أَمْسَى ذَلِيلاً كهذِه البَيْضَةِ الَّتِي فَارَقَهَا الفَرْخُ فرَمَى بِهَا الظَّلِيمُ فدِيسَتْ فلا أَذَلَّ مِنْهَا . وقال كُرَاع : الشِّعْر للمُتَلَمِّس . وقال المَرْزُبَانِيّ : إِن الشّعرَ لِثَوْبِ بن النَّار اليَشْكُرِيّ . يقال أَيْضاً : " هُو بَيْضَةُ البَلَدِ " ن إِذا مَدَحُوهُ ووَصَفُوه بالتَّفَرُّدِ أَي " وَاحِدُه الَّذِي يُجْتَمَع إِليْه ويُقبَلُ قَوْلُه " . وأَنشَدَ أَبُو العَبّاس لامْرَأَةٍ من بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيّ تَرْثِي عَمْرَو بْنَ عَبْدِ وُدٍّ وتَذْكُر قَتْل عَليٍّ إِيّاه : .
لَوْ كَانَ قَاتِلُ عَمْرٍو غيْرَ قَاتِلِه ... بَكيْتُهُ ما أَقَامَ الرُّوحُ في جَسَدِي .
لكِنَّ قاتِلَه مَنْ لا يُعَابُ بِهِ ... وكَانَ يُدْعَى قَدِيماً بَيْضَةَ البَلَدِ أَي أَنَّهُ فَرْدٌ ليْسَ أَحَدٌ مِثْلَهُ في الشِّرَفِ كالبَيْضَةِ الَّتِي هي تَرِيكَةٌ وَحْدَهَا ليْسَ مَعَهَا غيْرُهَا . قال الصَّاغَانِيّ : قائله هذا الشِّعر هي أُخْتُ عمْرِو بن عبْدِ وُدّ وإِذَا ذُمَّ الرَّجُل فقِيلَ هُوَ بَيْضَةُ البَلَدِ أَرَادُوا هو مُنْفَرِدٌ لا نَاصِرَ له بمَنْزلَةِ بَيْضَةٍ قَام عَنْهَا الظَّلِيم وتَرَكَها لا خيْرَ فِيهَا ولا مَنْفَعَة " ضِدٌّ " . ذَكَرَهُ أَبو حَاتِمٍ في كتَابِ الأَضْدَادِ . وكَذَا أَبو الطِّيِّب اللُّغَويّ في كتاب الأَضْدَادِ . وسُئِلَ ابنُ الأَعْرَابيّ عَن ذلكَ فقَال : إِذا مُدِحَ بها فهي الَّتِي فِيهَا الفَرْخُ لأَنَّ الظَّلِيم حينئِذٍ يَصُونُهَا وإِذا ذُمَّ بِها فهي الَّتِي قد خَرَج الفَرْخُ عَنْهَا ورَمَى بها الظَّلِيمُ فدَاسَهَا النَّاسُ والإِبْلُ وهكذا نَقَلَه أَبُو عَمْرٍو عن أَبِي العَبَّاسِ أَيْضاً . وقال أَبو بَكْرٍ : قولُهم : فُلانٌ بَيْضَةُ البَلَدِ هو من الأَضْدادِ يَكُونُ مَدْحاً ويكون ذَمّاً . قُلْتُ : وأَما قَوْلُ حَسّانَ في نَفْسِه : .
" أَمْسَى الخَلابيسُ قَدْ عَزُّوا وقَدْ كَثُرُواوابْنُ الفُرَيْعَةِ أَمْسَى بَيْضَةَ البَلَدِ فقال أبو حَاتم : هو مَدْحٍ . وأَبَاه الأَزْهَرِيُّ وقال : بَلْ هوَ ذَمٌّ انْظُرْه في التَّهْذِيبِ . " وبَيْضَةُ البَلَدِ : الفَقْعُ " كما في العبَابِ وفي الأَسَاس : هي الكَمْأَةُ . من المَجَاز قوْلُهُم في المَثل : كَانُوا " بيْضَة العُقْرِ " للمَرَّة الأَخِيرَة نَقَلَه الزَّمَخْشَرِيّ . وقال اللّيْثُ " يَبِيضُهَا الدِّيكُ مَرَّةً وَاحِدَةً ثُمَّ لا يَعُودُ " . يُضْرَبُ لِمَنْ يَصْنَع الصَّنِيعَةَ ثُمَّ لا يَعُودُ لَهَا . وقيل : بَيْضَةُ العُقْرِ : أَن تُغْصَبَ الجَارِيَةُ نَفْسُهَا فتُقْتَضّ فتُجَرَّب ببَيْضَةٍ وتُسَمَّى تلك البَيْضَةُ بَيْضَةَ العُقْرِ وقد تقدّم في " ع ق ر " . من المَجَازِ : " بَيْضَةُ الخِدْرِ : جَارِيَتُه " لأَنَّهَا في خِدْرُهَا مَكْنُونَةٌ . وفي البَصَائِر : وكَنىَ عن المَرْأَةِ بِالبَيْضَة تَشبِيهاً بِهَا في اللَّوْن وفي كَوْنِهَا مَصُونَةً تَحْتَ الجَنَاحِ ويُقَال : هِيَ من بَيْضَاتِ الحِجَالِ . وأَنْشَدَ الصَّاغَانِيّ لامْرِئ القيْس : .
وبَيْضَةِ خِدْر لا يُرَامُ خِبَاؤُهَا ... تَمَتَّعْتُ مِنْ لَهْوٍ بِهَا غيْرَ مُعْجَلِ " والبَيْضَتَان " بالفَتْح " ويُكْسَرُ " وبهما رُوِيَ قَوْلُ الأَخْطَل : .
فَهُوَ بها سَيِّئٌ ظَنّاً وليْسَ لَهُ ... بالبَيْضَتيْنِ ولا بالغَيْضِ مُدَّخَرُ وهو " ع " على طَرِيقِ الشَّامِ من الكُوفَة . وقال أَبو عَمْرٍو : هو بالفَتْح " فَوْقَ زُبَالَةَ " . وقال غيْرُه : هو ما حَوْلَ البَحْرَيْنِ من البَرِّيِّة ورَوَاهُ بالكَسْر . وأَمَّا قولُ : الفرزدق : .
قَعِيدَكُمَا اللهُ الَّذِي أَنْتُمَا له ... أَلمْ تَسْمَعَا بالبَيْضَتيْن المُنَادِيَا فإِنَّهُ أَرادَ بِهِمَا المَوْضِعَ الَّذِي بالحَزْنِ لبَنِي يَرْبُوعٍ والذِي بالصَّمَّان لبَنِي دَارِمٍ . وقد رُوِيَ فِيهِمَا الفَتْحُ والكَسْرُ كما تَقَدَّم . وهُناكَ قولٌ آَخَرُ يُقَال لِمَا بَيْنَ العُذيْبِ ووَاقِصَةَ بأَرْضِ الحَزْنِ من دِيَارِ بَنِي يَرْبُوعِ بْنِ حَنْظَلَةَ : بَيْضَةٌ . " والبِيضَةُ بالكَسْرِ : الأَرْضُ البَيْضَاءُ المَلْسَاءُ " . قال رُؤبةُ :