" وقَوْلُ الجَوْهَرِيّ : ناعِصٌ : اسمُ رَجُلٍ وَهَمٌ لم يُذْكُرْ غيْرَه فَكَأَنَّه لَمْ يَذْكُرْ شيْئاً " . قال شيْخُنا : هي دَعْوَى على النَّفْيِ فَتَحْتَاجُ إِلى دَلِيل . ونَاعِصٌ مَذْكُورٌ كنَاعِصَةَ وكَوْنُه اقْتَصَرَ عَلَيْهِ في المَادَّةِ لا يُوجِبُ إِهْمَالَها لأَنَّه ذَكَرَ ما صَحَّ عِنْدَهُ وهو هذِه اللُّغَةُ ولَوْ كانَ المُصَنِّفُون يَحْذِفُون كُلَّ مادَّةٍ فيها كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ من الكَلامِ انتَهَى . قُلْتُ : وقَدْ سَبَقَ للمُصَنِّف مِثْلُ ذلِكَ في " ك ر ص " فإِنَّهُ كَتَبَهُ بالحُمْرَة لأَنَّ الجوهريَّ اقْتَصَرَ فيه على مَعْنىً وَاحِد فكأَنَّه في حُكْمِ المُهْمَلِ عِنْدَهُ وهذا غَرِيبٌ جِدّاً . وأَمَّا هذا الحَرْفُ فَقَدْ سَبَقَ عَنِ الّليْث أَنَّه ليْسَ بعَرَبِيٍّ . وقال الأَزْهَرِيُّ : ولم يَصِحَّ لِي مِنْ بابِ " نعص " شَيءٌ أَعْتَمِدُهُ من جِهَةِ مَنْ يُرْجَعُ إِلى عِلْمِه ورِوَايَته عَنِ العَرَب فكيْفَ يُنْسَبُ الوَهَمُ إِلى الجَوْهَرِيّ في عَدَم ذِكْرِهِ شيْئاً غيْرَ نَاعِصٍ ولم يَثبُتْ عِنْدَه شَيْءٌ م طَرِيقٍ صَحِيحٍ يَعْتَمِد عليه في الرِّوَايَة . فتَأَمَّل .
وممّا يُسْتَدْرَك عَلَيْه : نَعَصَ الشَّيْءَ فانْتَعَصَ حَرَّكَهُ فتَحَرَّكَ كما في اللِّسَان . وانْتَعَصَ الرَّجُلُ : وُتِرَ فَلَمْ يَطْلُبْ ثَأْرَه . ومَا أَنْعَصَهُ بشَيْءٍ أَي مَا أَعْطَاه . والانْتِعَاصُ : التَّمايُلُ أَوْرَدَ ذلِكَ كُلَّه الصَّاغَانِيّ في التَّكْمِلَةِ .
نغص .
" النَّغَصُ مُحَرَّكَةً " وكَذلِكَ النَّغْصُ بالفَتْح أَيْضاً كما في اللِّسَان وأَهْمَلَهُ المُصَنِّف قُصُوراً : " أَن تُورِدَ إِبِلَكَ الحَوْضَ فإِذا شَرِبَتْ صَرَفْتَهَا وأَوْرَدْتَ غَيْرَهَا " وذلِكَ إِنْ أَخْرَجْتَ من كُلِّ بَعِيرَيْن بَعِيراً قَوِيّاً وأَدْخَلْتَ مَكَانَه بَعِيراً ضَعِيفاً فكَأَنَّهُ نَغَصَ في شُرْبِهَا بِهذا الفِعْل وأَنْشَدَ الجَوْهَرِيُّ للَبِيد : .
فأَرْسَلَهَا العِرَاكَ ولم يَذُدْهَا ... ولم يُشْفِقْ على نَغَصِ الدِّخَالِ " ونَغِصَ " الرجَّلُ " كفَرِحَ " يَنْغَصُ نَغَصاً : " لم يَتِمَّ مُرَادُه " : قال اللَّيْث : وأَكْثَرُهُ بالتَّشْدِيد نَغَّص تَنْغِيصاً كذلِك " البَعِير " إِذا " لم يَتِمَّ شُرْبُهُ " نقله الجَوْهَرِيّ . وأَنْشَد هُنَا قَوْلَ لَبِيدٍ السَّابِقَ . نَغِصَ " الشَّرَابُ " بنَفْسِه : " لم يَتِمَّ " . " وأَنْغَصَ اللهُ عليه العَيْشَ ونَغَّصَه " تَنْغِيصاً نَغَّصَهُ " عَليْه " أَي " كَدَّرَهُ " والأَخِيرُ أَكْثَرُ . وأَمَّا نَغَّصَه فقد قَالَ الجَوْهَرِيّ : جاءَ في الشِّعْرِ قال : وأَنْشَدَ الأَخْفَشُ : .
لا أَرَى المَوْتَ يَسِبْقُ المَوْتَ شَيْءٌ ... نَغَّصَ المَوْتُ ذَا الغِنَى والفَقِيرا قال : فأَظْهَرَ المَوْتَ في مَوْضِعِ الإِضْمَارِ وهذَا كقَوْلكَ : أَمَّا زَيْدٌ فقد ذَهَبَ زيْدٌ . قلْتُ : وهذا الشِّعْر أَوْرَدَه سِيبَوَيْه في كِتَابهِ لِسَوَادَةَ بْنِ عَديّ ويُرْوَى لِعَدِيّ بْنِ زيْد ويُرْوَى لسَوَادَةَ بْنِ زيْد بنِ عَدِيّ بنِ زيْد " فتَنَغَّصَت مَعِيشَتُه " أَي " تَكَدَّرَت " . وقال ابنُ الأَعْرَابِيّ : نَغَّصَ عَليْنَا أَي قَطَعَ ما كُنَّا نُحِبُّ الاسْتِكْثَارُ مِنْه وكُلُّ مَنْ قَطَعَ شيْئاً مِمّا يُحَبُّ الازدِيَادُ مِنْه فهو مُنَغِّصٌ . قال الشاعِرُ : .
وطَالَما نُغِّصُوا بالفَجْعِ ضَاحِيَةً ... وطَالَ بالفَجْعِ والتَّنْغِيصِ ما طُرِقُوا " وتَنَاغَصَتِ الإِبِلُ " على الحَوْضِ : " ازْدَحَمَتْ " عن الكِسَائِيّ . وممّا يُسْتَدْرَك عَلَيْه : نَغَصَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ نَغْصاً : مَنَعَهُ نَصِيبَهُ من المَاءِ فحَالَ بَيْنَ إِبلِهِ وبَيْن أَنْ تَشْرَبَ . وأَنْغَصَه رَعْيَه كَذلِك وهذِه بالأَلِف . وقال ابنُ القَطَّاع : نَغَصَ عليه نَغْصاً : كَدَّر والتَّشْدِيدُ أَعَمّ .
نفص