ومنه حديث حَسّانٍ : كان إذا دُعيَ إلى طَعامٍ قال : إِلى عُرْسٍ أَم خُرْسٍ أَم إِعْذارٍ ؟ فإِن كان إلى وَاحدٍ من ذلك أَجابَ وإِلاّ لَم يُجِبْ . الخُرْسَةُ بِهَاءٍ : طَعَامٌ تُطْعِمُه النُّفَسَاءُ نَفْسَهَا أَو ما يُصْنَع لها من فَرِيقَةٍ ونَحْوِهَا . وخَرَسَهَا يَخْرُسُها عن اللِّحْيَانِيِّ .
وكَوْنُ الخُرْسِ طَعَامَ الوِلادَةِ والخُرْسَةِ : طَعَامَ النُّفَساءِ هو الذي صَرَّح به ابنُ جِنِّى وهو يُخَالِفُ ما ذَكَرَه ابنُ الأَثِيرِ في تفسير حَدِيثٍ في صِفَةِ التَّمْرِ : هِيَ صُمْتَةُ الصَّبِيِّ وخُرْسَةُ مَرْيَمَ . قال : الخُرْسَةُ : ما تَطْعَمُه المرأَةُ عِند وِلاَدِهَا . وخَرَّسْتُ النُّفَسَاءَ : أَطْعَمْتُهَا الخُرْسَةَ وأَرادَ قولَ اللهِ تَعَالى : وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا . وكأَنَّه لَمْ يَرَ الفَرْقَ بينَهُمَا فتأَمَّلْ . وفي قولِ المُصَنِّف : النُّفَسَاء نَفْسَهَا جِنَاس اشْتِقاقٍ وسيأْتي أَنَّ الصادَ لغةٌ فيه . والخَرُوسُ كصَبُور : البِكْرُ في أَوَّلِ حَمْلِهَا . قالَ الشاعِر يَصِفُ قوماً بقِلَّة الخَيْرِ : .
شَرُّكُمْ حَاضِرٌ وخَيْرُكُمُ ... دَرُّ خَرُوسٍ من الأَرَانِبِ بِكْرِ ويُقال في هذا البيت : الخَرُوسُ : هي التي يُعْمَلُ لَهَا الخُرْسَةُ زادَ بعضُهُم : عند الوِلادَةِ .
والخَرُوسُ أَيضاً : القَلِيلَةُ الدَّرِّ . نقله الصّاغَانِيُّ . وخَرِسَ الرَّجُلُ كَفرِحَ : شَرِبَ بالخَرْسِ أَي الدَّنِّ . نقله الصاغانِيُّ . وخَرِسَ خَرَساً : صارَ أَخْرَسَ بَيِّنَ الخَرَسِ مُحَرَّكةً وهو ذَهَابُ الكَلامِ عِيًّا أَو خِلْقةً مِنْ قَوْمٍ خُرْسٍ وخُرْسَانٍ بضَمِّهما أَي مُنْعَقِدَ اللِّسَانِ عَن الكَلامِ عِيّاً أَو خِلْقَةً . وأَخْرَسَه اللهُ تَعالَى : جَعَلَه كذلك . والأُخَيرِسُ مُصَغَّراً : سَيْفُ الحَارِثِ بنِ هِشَام ابن المُغِيرَةِ المَخْزُومِيِّ رَضِيَ اللهُ عنه نَقَلَه الصّاغانِيُّ وأَنشدَ في العُباب له : .
" فَما جَبُنَتْ خَيْلِي بِفَحْلَ ولاَ وَنَتْولا لُمْتُ يَوْمَ الرَّوْعِ وَقْعَ الأُخَيْرِسِ من المَجَازِ : كَتِيبةٌ خَرْسَاءُ هي الَّتِي لا يُسْمَعُ لها صَوْتٌ لوَقَارِهِمْ في الحَرْبِ أَو هي الَّتِي صَمَتَتْ من كَثْرة الدُّرُوعِ أَي ليس لها قَعاقعُ وهذا عن أَبِي عُبَيْدٍ .
ومن المَجَازِ : نَزَلْنَا ببَني أَخْنَسَ فسَقَوْنا لَبَناً أَخْرَسَ يقال : لَبَنٌ أَخْرَسُ : خاثِرٌ لا صَوْتَ له في الإِناءِ لغِلَظِه . وفي الأَسَاسِ : خاثِرٌ لا يَتَخَضْخَضُ في إِنائِه .
وقال الأَزْهَرِيُّ : وسمِعْتُ العَرَبَ تقولُ لِلَّبَنِ الخَاثِر : هذِه لَبَنَةٌ خَرْسَاءُ لا يُسْمَعُ لهَا صَوْتٌ إذا أُرِيقَتْ . وفي المُحْكَم : وشَرْبَةٌ خَرْسَاءُ وهي الشَّرْبَةُ الغَلِيظَةُ من الَّلبَنِ . ومن المَجَازِ : عَلَمٌ أَخْرَسُ : لَمْ يُسْمَع فيه وفي الأَسَاسِ : منه صَوْتُ صَدًى وفي التَّهْذِيب : لا يُسْمَعُ في الجَبَلِ له صَدَىً يَعْنِي أَعْلاَمَ الطَّريقِ التي يُهْتَدَى بها قالَه اللَّيْثُ . قالَ الأَزْهَرِيُّ : وسَمِعْتُ العَرَبَ تَنْشِدُ : .
" وأَيْرَمٍ أَخْرَسَ فَوْقَ عَنْزِ قال : وأَنْشَدَنِيهِ أَعرابيٌّ آخَرُ : وإِرَمٍ أَعْيَسَ . وقد تقدم ذكره في ح ر س . ومن المَجَازِ : رَمَاه بخَرْساءَ الخَرْساءُ : الدّاهِيَةُ وأَصْلُهَا الأَفْعَى قالَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ . ومن المَجَازِ : الخَرْساءُ : السَّحَابَةُ ليسَ فيها رَعْدٌ ولا بَرْقٌ . ولا يُسْمَعُ لها صوتٌ وأَكْثَرُ ما يكُون ذلك في الشِّتَاءِ ؛ لأَنَّ شِدَّةَ البَرْدِ تُخْرِسُ الرَّعْدَ وتُطْفِئُ البَرْقَ . قاله أَبو حَنيِفَةَ . ورَجُلٌ خَرِسٌ كَكَتِفٍ : لا يَنامُ : باللَّيْلِ أَو هو خَرِشٌ بالشِّينِ المُعْجَمَةِ كما سَيَأْتِي والوَجْهَانِ ذَكَرَهُمَا الأُمَوِيّ : والخُرْسَى كحُبْلَى : التي لا تَرْغُو من الإِبِلِ نَقَله الصّاغَانِيُّ عن ابنِ عَبَّادٍ وهو مَجازٌ