وعَمْرو وابنُ بَيْبَةَ كان منهم ... وحاجب فاسْتَكانَ على الصَّغار و منَ المَجاز : هارَهُ يُهارُّه إذا هَرَّ في وَجْهه كما يَهِرُّ الكَلْبُ ومنه حديث أَبي الأَسود : المَرأَةُ التي تُهَارُّ زَوْجَها . قال سيبويه في الكتاب : في المَثَل : شَرٌّ أَهَرَّ ذا نابٍ يُضْرَبُ في ظهور أَمارات الشَّرِّ ومَخايِلِه وإنَّما احتِيجَ في هذا الموضع إلى التَّوكيد من حيث كان أَمْراً مُهِمّاً وذلك لمّا سمع قائله هَرِيراً أَي هَريرَ كَلْبٍ فأَضاف منه وأَشْفَقَ لاستماعه أَن يكون من طارقِ شَرٍّ فقال ذلك تعظيماً للحال عند نفسه وعند مُسْتَمِعِه وليس هذا في نفسِه كأَنْ يَطْرُقَه ضَيْفٌ أَو مُسْتَرْشِد فلمّا عناه وأَهمَّه أَكَّدَ الإخْبارَ عنه وأَخرجه مُخْرَجَ الإغْلاظِ به أَي ما أَهَرَّ ذا نابٍ إلاّ شَرٌّ أَي أَنَّ الكلامَ عائدٌ إلى معنى النَّفْيِ وإنَّما كان المعنى هذا لأَنَّ الخَبَرِيَّةَ عليه أَقْوى أَلا تَرى أَنَّكَ لو قلتَ : أَهَرَّ ذا نابٍ شُرٌّ لكنتَ على طَرَفٍ من الإخبار غير مؤكَّدٍ فإذا قلت : ما أَهَرَّ ذا نابٍ إلاّ شَرٌّ كان أَوْكَدَ أَلا تَرى أَنَّ قولك : ما قام إلاّ زيدٌ أَوْكَدُ من قولك : قام زيدٌ ولهذا حَسُنَ الابتداءُ بالنَّكِرَة لأَنَّه في معنى ما تقدّم . وبسطَه في المُخْتَصر والمطوّل والإيضاح وشُروحِها وحَواشيها وفيما ذكرناه كِفايةٌ . ومما يستدرك عليه : هَرَّ فلانٌ الحَرْبَ هَريراً أَي كَرِهَها وهو مَجاز وكذا هَرَّ الكأْس وهو مَجاز أَيضاً وقال عَنترَةُ في الحَرب : .
حَلَفْنا لهُم والخَيْلُ تَرْدِي بنا مَعاً ... نُزايِلُكُمْ حَتّى تَهِرُّوا العَوالِيا وفلانٌ هَرَّه الناسُ إذا كَرِهوا ناحِيتَه وهو مَجاز أَيضاً قال الأَعشى : .
أَرى الناسَ هَرُّوني وشُهِّرَ مَدْخَلي ... ففي كُلِّ مَمْشىً أَرْصَدَ الناسُ عَقْرَبا والهَرَّار كَشَدَّاد : الكَلْبُ إذا كَشَّر عن أَنيابه . وقد يطلق الهَرير على صوت غير الكلب ومنه الحديث : " إنِّي سمعتُ هَريراً كهَرير الرَّحَى " أَي صوتَ دَوَرانها . وفي حديث خُزيمة : وعاد لها المَطِيُّ هارّاً أَي يَهِرُّ بعضها في وجه بعضٍ من الجَهْد . والهِرُّ بالكسْر : العُقوق وبه فسَّر الفَزارِيُّ المثلَ المَذكور وقال ابن الأَعرابيّ : الهِرُّ : الخُصُومة وبه فَسَّر المثَل وقال أَيضاً : لا يَعْرِفُ هارا من بارَا لو كُتِبَتْ له . وقال أَبو عُبَيد : ما يَعرفُ الهَرْهَرَةَ من البَرْبَرة . والتَّهَرْهُرُ : صوت الرِّيح تهَرْهَرَت وهَرْهَرَت واحدٌ ذكره الأَزْهَرِيّ في ترجمة عقر قال وأَنشد المُؤَرِّجُ : .
وصِرْت مملوكاً بقاعٍ قَرْقَرِ ... يَجري عليْك المُورُ بالتَّهَرْهُرِ .
يالك من قُبَّرَةٍ وقُنْبُرِ ... كُنْت على الأَيّام في تَعَقُّرِ