وفي البصائر : والكُفَّار في جمع الكافر المضادّ للمؤمن أَكثرُ استعمالاً كقوله " أَشِدَّاءُ على الكُفَّار " . والكَفَرَة في جمع كافر النِّعمة أَكثرُ استعمالاً كقوله : " أُولئِكَ هُمُ الكَفَرَة الفَجَرَة " والفجرة قد يقال للفُسَّاقِ من المسلمين . وهي كافِرَةٌ من نِسوَة كَوافِر وفي حديث القنوت : " واجْعَلْ قلوبَهُم كقُلوبِ نساءٍ كَوافِرَ " يعني في التّعادي والاختلاف والنِّساءُ أَضعفُ قلوباً من الرِّجال لا سيَّما إذا كُنَّ كَوافِرَ . ورجُلٌ كَفَّارٌ كَشَدَّادٍ وكَفورٌ كصَبور : كافِرٌ . وقيل : الكَفور : المُبالِغُ في كُفران النِّعمة قال تعالى : " إنَّ الإنسانَ لَكَفور " والكَفَّارُ أَبلغُ من الكَفور كقوله تعالى " كُلَّ كَفَّارٍ عَنيدٍ " . وقد أُجرِيَ الكَفَّار مُجرى الكَفور في قوله : " إنَّ الإنسانَ لَظَلومٌ كَفَّارٌ " كذا في البصائر . جمع كُفُرٌ بضَمَّتين والأنثى كَفورٌ أَيضاً وجمعه أيضاً كُفُرٌ ولا يجمَع جَمعَ السَّلامة لأنَّ الهاءَ لا تدخلُ في مُؤَنَّثه إلاّ أَنَّهم قد قالوا عَدُوَّةَ اللهِ وهو مَذكورٌ في مَوضعه . وقوله تعالى : " فَأَبى الظَّالِمونَ إلاّ كُفُوراً " قال الأَخفشُ : هو جَمْعُ الكُفْرِ مثل : بُرْد وبُرود . وكَفَرَ عليه يَكْفرُ من حَدَّ ضَرَبَ : غَطَّاهُ وبه فُسِّرَ الحديث : " إنَّ الأَوسَ والخَزرَجَ ذَكَروا ما كان منهم في الجاهليَّة فثار بعضهم إلى بعضٍ بالسّيوف فأَنزلَ اللهُ تعالى " وَكَيْفَ تَكْفُرونَ وأَنتمْ تُتلَى علَيكُم آياتُ اللهِ وفِيكُم رَسولُه " ولم يكن ذلك على الكفر بالله ولكن على تغطيتهم ما كانوا عليه من الأُلفةِ والمَوَدَّة . وقال الليثُ : يُقال : إنَّه سُمِّيَ الكافِرُ كافِراً لأَنَّ الكُفْرَ غَطَّى قلبَهُ كُلَّه . قال الأَزْهَرِيّ : ومعنى قول الليث هذا يحتاج إلى بيان يَدلُّ عليه وإيضاحُه : أَنَّ الكُفْرَ في اللغة التغطيةَ والكافر ذو كُفْر أي ذو تغطية لقلبه بكفره كما يقال للابِسِ السِّلاحِ كافِرٌ وهو الذي غطَّاهُ السلاح ومثله رجلٌ كاسٍ أي ذو كُسوَةٍ وماءٌ دافقٌ أي ذو دَفْقٍ . قال : وفيه قَولٌ آخرُ أَحسنُ ممّا ذهب إليه وذلكَ أَنَّ الكافِرَ لمَّا دعاهُ اللهُ إلى توحيدِه فقد دعاهُ إلى نعمةٍ وأَحبَّها له إذا أَجابَه إلى ما دعاهُ إليه فلمّا أَبى ما دعاه إليه من توحيدِه كانَ كافراً نعمةَ اللهِ أي مُغطِّياً لها بإبائِه حاجباً لها عنه .
كَفَرَ الشَّيءَ يَكْفِرُهُ كَفراً : سَتَرَهُ ككَفَّرَهُ تكفيراً . والكَافِرُ : الليل . وفي الصحاح : اللَّيلُ المُظلِمُ لأَنَّه يستُر بظلمته كلَّ شيءٍ . وكَفَرَ الليلُ الشيءَ وكَفَرَ عليه غَطَّاه وكَفَرَ الليلُ على أَثَرِ صاحِبِي : غَطَّاهُ بسوادِهِ ولقد استُظْرِفَ البَهاءُ زُهَير حيث قال : .
لِي فيكَ أَجرُ مُجاهِدٍ ... إنْ صَحَّ أَنَّ اللَّيْلَ كافِرْ الكافِر : البَحْر لِسَترِه ما فيه وقد فُسِّر بهما قولُ ثَعلَبَة بن صُعَيرٍ المازنيّ يصفَ الظَّليمَ والنَّعامةَ ورَواحَهُما إلى بَيضهما عند غروب الشمس : .
فَتَذَكَّرا ثَقَلاً رَثيداً بَعدَما ... أَلْقَتْ ذُكاءُ يَمينَها في كافِر وذُكاءُ : اسمٌ للشمس وأَلْقَتْ يمينَها في كافر أي بدأَتْ في المَغيب . قال الجَوْهَرِيّ : ويحتمل أن يكون أراد الليل . قلتُ وقال بعضهم : عَنَى به البحْرَ وهكذا أَنشدَه الجَوهريّ . وقال الصَّاغانِيّ : والرِّوايةُ فَتَذَكَّرَت على التأنيث والضَّمير للنَّعامة وبعده : .
طَرِفَتْ مَراوِدُها وغَرَّد سَقْبُها ... بِالآءِ والحَدَجِ الرِّواءِ الحادِرِ طَرِفَتْ أي تباعدت . قلتُ : وذكر ابنُ السِّكّيتَ أَنَّ لَبيداً سَرَق هذا المَعنى فقال : .
حتَّى إذا أَلْقَتْ يَداً في كافِرٍ ... وأَجَنَّ عَوراتِ الثُّغورِ ظَلامُها قال : ومن ذلك سُمِّيَ الكافِرُ كافراً لأنَّه سَتَرَ نِعَمَ الله .
الكافِرُ : الوادي العظيمُ . قيل الكافر : النَّهر الكبير وبه فسَّر الجَوْهَرِيّ قول المُتَلَمِّس يذكر طَرْحَ صَحيفتِه : .
فَأَلْقَيْتُها بالثِّنْيِ من جَنْبِ كافرٍ ... كَذلِكَ أَقنو كُلَّ قط مُضَلَّلِ الكافِر : السَّحاب المُظلِمُ لأَنَّه يستُرُ ما تحتَه