وأما كُفْرُ النِّفاق فإن يُقرّ بلسانه ويكفر بقلبِه ولا يعتقد بقلبه قال الأَزهريّ : وأَصلُ الكُفرِ تَغطية الشَّيءِ تغطيةً تستهلكُه . قال شيخُنا : ثمّ شاعَ الكُفْرُ في سَتْرِ النِّعْمَة خاصَّة وفي مقابلة الإيمان لأنَّ الكُفرَ فيه سَتْرُ الحقِّ وسَتْرُ نِعَمِ فَيَّاضِ النِّعَم . قلت : وفي المُحْكَم : الكُفرُ : كُفْرُ النِّعمَة وهو نقيض الشُّكْر والكُفْر : جُحود النِّعْمَة وهو ضدّ الشُّكر وقوله تعالى " إنَّا بِكُلٍّ كافِرون " أي جاحدون . وفي البصائر للمصنِّف : وأَعظَمُ الكُفْرِ جُحودُ الوَحدانِيَّة أو النبوَّة أَو الشَّريعة . والكافرُ مُتَعارَفٌ مطلَقاً فيمن يجحَدُ الجميعَ . والكفران في جُحود النعمة أَكثرُ استعمالاً والكُفرُ في الدِّينِ والكُفورُ فيهما ويقال فيهما : كَفَرَ قال تعالى في الكفرات : " لِيَبْلُوَني أَأَشكُرُ أَمْ أَكْفُر " وقَوْلُهُ تَعالى " وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ التي فَعَلْتَ وأَنتَ من الكافرين " أي تَحَرَّيْتَ كُفرانَ نِعمتي . ولما كان الكُفران جُحودَ النِّعْمَة صار يُستعمَلُ في الجُحود . " ولا تَكونُوا أَوَّلَ كافِرٍ به " أي جاحِد وساتِر . وقد يقال : كَفَرَ لمن أَخَلَّ بالشَّريعة وتركَ ما لزِمَه من شُكْر اللهِ تعالى عليه قال تعالى : " مَنْ كَفَرَ فعَليْه كُفرُه " ويدلُّ على ذلكَ مُقابلتُه بقوله : " ومَنْ عمِلَ صالحاً فَلأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدون " . وكافَرَه حَقَّه إذا جَحَدَه . والمُكَفَّرُ كمعَظَّم : المَجحودُ النِّعمَةِ مع إحسانِه .
رجلٌ كافِرٌ : جاحدٌ لأَنْعُمِ اللهِ تعالى . قال الأَزْهَرِيّ : ونِعَمُهُ آياتُه الدَّالَّةُ على توحيده . والنِّعَمُ التي ستَرَها الكافرُ هي الآياتُ التي أَبانتْ لِذوي التمييز أَنَّ خالِقَها واحدٌ لا شريكٌ له وكذلك إرسالُهُ الرُّسُلَ بالآيات المُعجزَة والكتبِ المُنَزَّلة والبَراهينِ الواضحةِ نِعمَةٌ منه ظاهرة فمَن لم يصدِّق به وردَّها فقد كَفَرَ نِعمةَ الله أي سَتَرَها وحجبها عن نفسه وقيل سُمِّيَ الكافرُ كافراً لأَنَّه مُغَطَّىً على قلبه . قال ابن دريد : كأنَّه فاعلٌ في معنى مَفعول . جمع كفّارٌ بالضَّمِّ وكَفَرَةٌ محرَّكة وكِفارٌ كَكِتابٌ مثل جائع وجِياع ونائم ونيامٍ . قال القطاميّ : .
وَشُقَّ البَحرُ عن أَصحابِ موسى ... وغُرِّقَت الفَرَاعنة الكِفارُ