وممّا يُسْتَدْرَك عليه : القَدِيرُ والقَادِرُ : من صِفَاتِ الله عَزّ وجَلَّ يكونَان من القُدْرَة ويَكُونانِ من التَّقْدِير . قال ابنُ الأَثِير : القَادِرُ : اسمُ فاعِل من قَدَرَ ويَقْدِرُ ؛ والقَدِيرُ فَعِيلٌ منه وهو للمُبَالَغَةِ والمُقْتَدِرُ مُفْتَعِلٌ من اقْتَدر وهو أَبْلغُ . وفي البَصائر للمُصَنِّف : القَدِيرُ : هو الفَاعِلُ لِمَا يَشَاءُ على قَدْرِ ما تقضِى الحِكْمَة لا زائداً عليه ولا ناقِصاً عنه ولذلك لا يَصِحُّ أَنْ يُوصَفَ به إِلاَّ اللهُ تعالى والمُقْتَدِرُ يُقَارِبُه إِلاّ أَنَّهُ قد يُوصَفُ به البَشَرُ ويكونُ مَعْنَاهُ المُتَكَلِّف والمُكْتَسِبُ للقُدْرَةِ ولا أَحَدَ يُوصَفُ بالقُدْرَة من وَجْهٍ إِلاّ ويَصِحّ أَنْ يُوصَفَ بالعَجْر من وَجْهٍ غَيْرَ أّنْ الله تعالَى فهُوَ الَّذِي يَنْتَفِى عنه العَجْزُ من كلّ وَجْهٍ تعالَى شَأْنُه . وفي الأَساس : صانِعٌ مُقْتَدِرٌ : رَفِيقٌ بالعَمَل . قال : .
لَهَا جَبْهَةٌ كسَرَاةِ المِجَنِّ ... حَذَّقَة الصانِعُ المُقْتَدِرْ والأُمورُ تَجْرِي بقَدَرِ اللهِ ومِقْدَارِه وتَقْدِيرِه وأَقْدَارِه ومَقَادِيرِه . وفَرَسٌ بَعِيدُ القَدْرِ : بَعِيدُ الخَطْوِ . قال : .
ببَعِيدٍ قَدْرُهُ ذِي جُبَبٍ ... سَبِطِ السُّنْبُكِ في رُسْغٍ عَجُرْ وهو مَجاز : والقَدْرُ : الشَّرَف والعَظَمةُ والتَّزِيينُ وتَحْسِينُ الصُّورَة . وبه فُسِّر قولُه تعالَى : فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ القادِرُونَ أَي صَوّرْنَا فنِعْمَ المُصَوِّرُونَ . قال الفَرّاءُ : قَرَأَهَا عليُّ كرَّمَ الله وَجْهَه فقَدَّرْنا بالتَّشْدِيد وخَفَّفها عاصِمٌّ . قال : ولا يَبْعُدُ أَنْ يكونَ المعنَى في التَّخْفِيفِ والتَّشْدِيدِ وَاحِداً لأَنَّ العَرَب تقولُ : قُدِّرَ عليه وقُدِرَ عَلَيْه . واحتجَّ الَّذِين خَفَّفُوا فقالوا : لو كانَتْ كذلك لَقَالَ : فنِعْمَ المُقَدِّرُون . وقد تَجْمَع العربُ بَيْنَ اللُّغَتَيْن قال الله تَعَالَى : فَمَهِّلِ الكافرِين أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً . والتَّقْدِيرُ : الجَعْلُ والصُّنْع ومنه قولُه تعالى : وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ . أَي جعلَ له وكذا قولُه تعالى وقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا . والتَّقْدِيرُ أَيضاً : العِلْمُ والحِكْمَة ومنه قولُه تعالى : واللهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ والنَّهَارَ أَي يَعْلَم ؛ كذا في البصائر . قلتُ : ومنه أَيضاً قولُه تعالَى : قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الغَابِرِينَ قال الزَّجَّاج : المَعْنَى عَلِمْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الغابِرين . وقيل : دَبَّرْنَا . وقَدَّرْتُ عليه الشَّيْءَ : وَصَفْتُه . ورَوَى أَبو تُرَاب عن شُجَاع غُلامٌ قُدُرٌّ كعُتُلٍّ : وهو التامُّ الشديدُ المُكْتَنِزُ . واقْتَدَرَ الشيءَ : جَعَلَه قَدْراً . ومن أَمثالِهم المَقْدرَةُ تُذْهِبُ الحَفِيظة . ومِقْدَارُ كلّ شيْءٍ : مِقْيَاسُه كالقَدْرِ والتَّقْدِير . وقال شَمِرٌ : قَدَرْتُ : مَلكْتُ . وقال الأَزْهَرِيّ : قَدَّرْتُ أَمْرَ كذا وكذا تَقْدِيراً : نَوَيْتُه وعَقَدْتُ عَلَيْه . والقَدَرُ بالتَّحْرِيك : المَوْعِدُ . وقَدَرَ الشَّيْءَ : دَنَا لَهُ قال لَبِيدٌ : .
قُلْتُ هَجِّدْنا فَقَدْ طالَ السُّرَى ... وقَدَرْنَا إِنْ خَنَى اللَّيْلِ غَفَلْ قال الكسائيّ : قَدَرْتُ الشَّيءَ فأَنَا أَقْدِرُه لم أَسْمَعْه إِلاّ مَكْسُوراً . وقولُه : وَمَا قَدَروا الله حَقَّ قَدْرِه خفيفٌ ولو ثُقِّلَ كانَ صَوَاباً . وقوله : إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقدَر مُثَقَّلٌ . وقولُه : فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا . مُثقَّل ولو خُفِّف كان صَواباً . وقال ابنُ القَطّاع : وقَدَرَ الشَيْءَ : جعله بقَدَرٍ وقَدَرَ الإِنْسَانُ الشَّيْءَ : حَزَرَه لِيَعْرِف مَبْلَغَه ؛ كذا في التَّهْذيب له . والمِقْدَارُ : الهِنْدازُ ؛ والمَوْت وقالوا : إِذا بَلَغَ العَبْدُ المِقْدَارَ ماتَ . وأَنشد اللَّيْث : .
لو كَانَ خَلْفَكَ أَو أَمَامَكَ هائِباً ... بَشَراً سِوَاكَ لَهَابَكَ المِقْدَارُ