قال ابنُ بَرّيّ : وإِنّما سُمِيَ الفُقَراءُ بَنِي غَبْراءَ لِلُصُوقِهم بالتُّرَاب كما قِيلَ لهم المُدْقْعُون لِلُصُوقهم بالدّقْعاءِ - وهِيَ الأَرْضُ - كأَنَّهم لا حائلَ بَيْنَهم وبينها . والطَّرَافُ : خِباءٌ من أَدَم تَتَّخِذُه الأَغنياءُ . يقول : إِنّ الفُقَراءَ يَعْرِفُونَنِي بإِعْطَائي وبِرِّي والأَغنياءُ يَعْرِفُونَنِي بفَضْلِي وجَلاَلَةِ قَدْرِي وقِيلَ : بَنُو غَبْرَاءَ : الغُرَبَاءُ عَنْ أَوْطَانِهم . وقيل : هُم القومُ المُجْتَمِعُون للشَّرابِ بلا تَعَارُف وبه فَسّر بعضُهم قولَ طَرَفَةَ السابِق ذِكْرُه . وبه فُسِّر أَيضاً قولُ الشاعِر : .
وبَنُو غَبْرَاءَ فِيها ... يَتَعَاطَوْنَ الصَّحَافَا أَي الشَّرْب . وقيل هُمُ الَّذِين يَتَنَاهَدُون في الأَسْفَارِ . وبه فّسر آخَرُون قَوْلَ طَرَفَةَ . وهو مستدرَكٌ على المصنِّف . وقد ذكرهُ الصاغانيّ وصاحبُ اللسان . وفي الحَديث : إِيّاكُم والغُبَيْرَاء فإِنَّهَا خَمْرُ العالَمِ وهي السُّكُرْكَة وهي شَرَابٌ يُعمَل من الذُّرَة يَتَّخِذُه الحَبَشُ وهو يُسْكِرُ . وقال ثعلب : هي خَمْرٌ تُعْمَلُ من الغُبَيْرَاءِ هذا الثَّمر المَعْروف أَي هِيَ مِثْلُ الخَمْر التي يَتَعَارَفُها جميعُ الناسِ لا فَصْلَ بينهما في التَّحْرِيم . ويُقَال : تَرَكَهُ على غُبَيْرَاءِ الظَّهْرِ وغَبْرَائِه إِذا رَجَعَ خائباً هكذا في سائر النُّسخ والذي المحكم : جاءَ على غَبْرَاءِ الظَّهْر وغُبَيْرَاءِ الظَّهْر يَعْنِي الأَرْضَ وتَرَكَه على غُبَيْرَاءِ الظَّهْر يَعني ليْسَ له شَئٌ . وفي التَّهْذيب : يُقال : جاءَ فُلانٌ على غُبَيْرَاءِ الظَّهْرِ ورَجَع عَوْدَهُ على بَدْئِه ورَجَعَ على أَدْرَاجِه ورَجَع دَرَجَه الأَوَّلَ ونَكَصَ على عَقِبَيْه : كُلّ ذلك إِذا رَجَعَ ولم يُصَبْ شيئاً . وقال الأَحْمَر : إِذا رَجَعَ ولم يَقْدِر على حاجضتِه قيل : جاءَ على غُبَيْرَاءِ الظَّهر كأَنَّه رجعَ وعلى ظَهْرِه غُبَارُ الأَرْض . وقال زَيْدُ بن كَثْوَةَ : يُقَال : تركتُه على غُبَيْراء ِالظَّهْرِ إِذا خاصَمْتَ رجلاً فخَصَمْتَه في كُلّ شئٍ وغَلَبْتَه على ما فِي يَدَيْه . وهكذا نقله الصاغانيّ . وفي عبارة المصنّف مُخَالَفَةٌ مع هذه النُّقُول وخَلْطٌ في الأَقْوَالِ ؛ كما لا يَخْفَى . والغِبْرُ بالكسر : الحِقْد كالغِمْر . وقد غَبِرَ الرَّجَلُ كفَرِحَ إِذا حَقَدَ ؛ قالهُ ابنُ القَطّاع . والغَبَرُ بالتَّحْرِيك : فَسَادُ الجُرْحِ أَنَّي كانَ . أَنشد ثَعْلَب : أَعْيَا على الآسِي بَعِيداً غَبَرُهْ . قال : معناهُ بَعِيداً فَسَادُه يعني أَنَّ فَسادَه إِنَّمَا هو في قَعْرِه وما غَمَضَ من جَوانِبه فهو لذلك بَعِيدٌ لا قَرِيب . وقد غَبِرَ كفَرِحَ غَبَراً فهو غَبِرٌ إِذا انْدَمَلَ على فَسادٍ ثم انْتَفَضَ بَعْد البُرْءِ ومنه سُمِّىَ العِرْقُ الغَبِرُ لأَنَّهُ لا يَزالُ يَنْتَقِضُ وهو بالفَارِسِيّة النّاسُور . ويُقَال : أَصابَهُ غَبَرٌ في عِرْقهِ أَي لا يَكَادُ يَبْرَأُ . وقال الشاعرُ : .
فَهْوَ لا يَبْرَأُ ما فِي صَدْرِه ... مِثْلَ مَالا يَبْرَأُ العِرْقُ الغَبِرْ