تِسْعَةُ أَيّام . قُلْتُ : فعِشْرُون ليس بتَمَامِ إِنَّمَا هو عِشْرَانِ ويَوْمَان . قال : لمّا كان من العِشْر الثَّالِث يَوْمان جَمَعْتَه بالعِشْرِينَ . قلتُ : وإِنْ لم يَسْتَوْعِب الجِزْءَ الثالثَ ؟ قال : نَعَمْ أَلا تَرَى قولَ أَبي حَنيفَة : إِذا طَلَّقها تَطْلِيقَتَيْن وعُشْرَ تَطْلِيقَة فإِنّه يَجْعَلُهَا ثَلاثاً وإِنّما من الطَّلْقَةِ الثَالِثَةِ فيه جزءٌ فالعِشْرُونَ هذا قِيَاسُه . قلتُ : لا يُشْبهُ العِشْرُ التطليقةَ لأَنّ بعضَ التطليقةِ تطليقةٌ تامّة ولا يكونُ بَعْضُ العِشْر عِشْراً كامِلاً أَلا تَرَى أَنّه لو قال لامْرَأَته : أَنْت طالشقٌ نِصْفَ تَطْلِيقَةً أَو جُزْءاً من مائة تَطْلِيقَة كانت تَطْلِيقَةً تامَّةً ولا يكونُ نِصْفُ العِشْر وثُلثُ العِشْرِ عشْراً كاملاً . انتهى . قال شَيْخُنا : هذا الَّذِي أَوْرَده اللَّيْثُ على شَيِْخه ظاهرٌ في القَدْحِ في القيَاسِ بهذا الفَرْقِ الذِي أَشارَ إِلَيْه بَيْنَ المَقِيس والمَقِيسِ عَلَيْه وهو يرجه إِلى المُعَارَضَة في الأَصْلِ أَو الفَرْع أَو إِلَيْهِمَا . والأَصَحّ أَنّه قادحُ عند أَرْبابِ الأُصول . أَمّا أَهْلُ العَرَبِيّة فلَهُم فيه كَلامٌ . والصَحِيح أَنَّ القيَاسَ عندهم لا يَدْخُلُ اللُّغَةَ أَي لا تُوْضَع قِياساً كما حققته في شَرْح الاقْتِراح وغَيْرِه من أُصولِ العَرَبِيَّة . أَما ذِكْرُ مِثْلِ هذا لِمُجَرَّدِ البَيَانِ والإِيضاح كما فعلَ الخَليلُ فلا يَضُرّ اتّفاقاً . وتَسْمِيَةُ جُزءِ التّطْليقة تَطْلِيَقةً ليس من اللّغَة في شيْءٍ إِنّمَا هو اصْطِلاحُ الفقهاءِ وإِجماعُهم عليه لا خُصُوصِيَّةٌ للإِمام أَبِي حَنيفَةَ وَحْدَهُ . وإِنّمَا حَكَمُوا بذلك لَمّا عُلمَ أَنّ الطَّلاقَ لا يَتَجَزَّأُ كالعِتْقِ ونَحْوِه فكلُّ فَرْدِ من أَجْزائه أَو أَجزاءِ مُفْرَدِه عامِلٌ مُعْتَبَرٌ للاحْتِياط كما حُرِّرَ في مُصَنَّفَاتِ الفقْه . وأَما جُزْءٌ من الوِرْد فهو مُتَصَوَّر ظاهِرٌ كجزءِ ما يَقْبَلُ التَّجْزِئَةَ كجُزْءٍ من عَشَرَة ومنْ أَرْبَعَة ومِنْ عشْرِينَ مَثَلاً ومن كُلّ عَدَد . فمُرادُ الخَلِيلِ أَنَّهم أَطْلَقُوا الكُلَّ على الجُزْءِ ك الحَجُّ أَشْهُر مَعْلُوماتٌ . كما أَنَّ الفُقَهَاءَ في إِطْلاق نصْفِ التَّطْلِيقَة على التَّطْلِيقَة يُرِيدُون مِثْلَ ذلك لأَنّ بعض التَّطْليقة جُزْءٌ منها فمهما حَصَلَ أُرِيدَ به التَّطْلِيقة الكاملَة وإِنْ كان في التَّطْلِيقَةِ لازماً وفي غَيْرها لَيْس كذلك فلا يَلْزَم ما فَهِمَه اللَّيْثُ وعارَضَ به من القَدْح في المِقْيَاس مُطْلَقاً كما لا يَخْفَى . وإِلاّ فَأَيْن وَضْعُ اللُّغَةِ وأَحْكَامُها من أَوْضاعِ الفِقْهِ لأَئِمَّته ؟ والله أَعلم . انتهى . وفي شَمْسِ العُلُوم : ويقال إِنّمَا كُسِرَت العَيْنُ في عِشْرينَ وفُتِح أَوَّلُ باقي الأَعْدادِ مثل ثَلاثِينَ وأَرْبَعِين ونَحْوِه إِلى الثمانين لأَنَّ عِشْرينَ من عَشَرَة بمنزلة اثْنَيْنِ من واحِد فدَلّ على ذلك كَسْرُ أَوّل ستّينَ وتسْعينَ لأَنّه يقال سِتَّةٌ وتِسْعَة . قلتُ : وهكذا صرَّح به ابنُ دريد . قال شيخُنا : ثمّ كلامُ ابنِ دريد وغيرِه صَرِيحٌ في أَنّ العشْرِينَ الَّذي هو العَدَدُ المُعَيَّنُ مأْخوذٌ من عِشْرِ الإِبِل بَعْدَ جَمْعِه بما ذَكَرُوه من التَّأْوِيلات وكلامُ الجَوْهَرِيّ والمُصَنّف والفَيُّومِيّ وأَكثرِ أَهْلِ اللُّغَة أَنَّ العِشْرينَ اسمٌ موضوعٌ لهذا العَدَدِ وليس بجَمْعٍ لَعَشَرَةٍ ولا لِعشْرٍ ولا لَغْير ذلك فتَأَمَّلْ ذلك فإِنّه عندي الصَّوابُ الجَارِي على قَوَاعِدِ بَقِيّة العُقُود فلا يُخْرَجُ به وَحْدَه عن نَظَائره . ووَجْهُ كَسْرِ أَوَّلِه ومُخَالَفَتُه لأَنْظَارِه مَرَّ شَرْحُه . وكأَنَّهُم استعملوا العِشْرِين في الأَظْمَاءِ اسْتِعْمَالاً آخَرَ جَمَعُوه ونَقَلُوه لِلْعَدَدِ المَذْكُور . يَبْقَى ما وَجْهُ جَمْعِه جَمْعَ سَلاَمَةِ ؟ وقد يقال : إِلْحَاقُه بالعِشْرِينَ الموضوع للعَدَد المذكور والله أَعْلَم . والإِبلُ : عَوَاشرُ يُقَال : أَعْشَرَ الرَّجلُ : إِذا وَرَدَتْ إِبلِهُ عِشْراً . وهذه إِبلٌ عَوَاشِرُ . وعَوَاشرُ القُرْآنِ : الآيُ التي يَتِمُّ بها العَشْرُ . وعُشَارُ بالضَّمِّ :