كذا قاله الكسَائيُّ إمَامُ هذا الشَّأْن واسْتَشْهَدَ به وتَبِعَهُ الجَوْهَرِيّ وكَفَى بهما عُمْدَةً غَلَطٌ صَرِيحٌ خَبَرُ المُبْتَدَإِ قال شَيْخُنَا : وهَذَا منه تَحَامُلٌ بَالِغٌ كَيْفَ يُخَطِّىءُ هذَيْنِ الإِمَامَيْنِ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ وهُو أَي الجَوْهَرِيّ مَسْبُوقٌ أَيْ سَبَقَهُ الكِسَائِيُّ فِي الغَلَطِ كالتَّأْيِيد لِتَغْليطِهِ وهو عَجِيبٌ أَمَّا أَوَّلاً فَإِنَّه نَاقِلٌ وهو لا يُنْسَبُ إلَيْهِ الغَلَطُ وثَانِياً فَالكِسَائِيُّ مِمَّنْ يُعْتَمَدُ عليه فيما قاله فكَيْفَ يَجْعَلُهُ مَسْبُوقاً في الغَلَط كما هو ظَاهِرٌ عند التَّأَمُّل ثمَّ قال : والصَّوَابُ فِي البَيْت فَتْحُ الثَّاءِ المثَلَّثَةِ مِن الثُّعْلُبانِ لأَنَّهُ على ما زَعَمَهُ مُثَنَّى ثَعْلَبٍ ومِن قِصَّتِه . كان غَاوِي بنُ عَبْدِ العُزَّى وَقِيلَ : غاوِي بنُ ظَالِم وقيلَ : وَقَعَ ذلك للْعَبَّاس بنِ مرْدَاس وقيل لأَبِي ذَرٍّ الغفَارِيِّ وقد تَقَدَّم سَادناً أَيْ خَادماً لصَنَمٍ هو سُواعُ قاله أَبُو نُعَيمٍ وكانتْ لبَنى سُلَيْمِ بن مَنْصُور بالضَّمِّ القَبيلَة المَعْرُوفَةُ وهذا يُؤَكِّدُ أَنَّ القِصَّةَ وقَعَتْ لأَحَدِ السُّلَمِيَّيْنِ فَبَيْنَا هُوَ عِنْدَه إذْ أَقْبَلَ ثَعْلَبَانِ يشْتَدَّانِ أَيْ يَعْدُوَانِ حَتَّى تَسَنَّمَاهُ : عَلَيَاهُ فَبَالاَ عَلَيْهِ فقال حِينَئذ البَيْتَ المَذْكُورَ آنِفاً اسْتَدَلَّ المُؤَلِّفُ بهذه القِصَّة على تَخْطِئَةِ الكِسَائِيِّ والجَوْهَرِيِّ والحَدِيثُ ذَكَرَهُ البَغَوِيُّ في مُعْجَمِهِ وابنُ شَاهِينَ وغَيْرُهُمَا وهو مَشْرُوحٌ في دلائِلِ النُّبُوَّة لأَبِي نُعَيم الأَصْبَهَانِيِّ ونَقَلَهُ الدَّمِيرِيُّ في حَيَاة الحَيَوَان وقال الحَافِظُ ابن نَاصِرٍ : أَخْطَأَ الهَرَوِيُّ في تَفْسِيرِهِ وصَحَّفَ في رِوَايَتِهِ وَإنَّمَا الحَدِيث : فجَاءَ ثُعْلُبَانٌ بالضَّمِّ وهو ذَكَرُ الثَّعَالِبِ اسْمٌ له مُفْرَدٌ لاَ مُثَنًّى وأَهْلُ اللُّغَة يَسْتَشْهِدُونَ بالبَيْتِ للْفَرْق بَيْنَ الذَّكَرِ والأُنْثَى كما قَالُوا : الأُفْعُوَانُ : ذَكَرُ الأَفَاعِي والعُقْرُبَانُ : ذَكَرُ العَقَارِبِ وحَكَى الزَّمَخْشَرِيُّ عن الجَاحِظِ أَنَّ الرِّوَايَةَ فِي البَيْتِ إنَّمَا هي بالضَّمِّ على أَنَّه ذَكَرُ الثَّعَالِبِ وصَوَّبَهُ الحافِظُ شَرَفُ الدِّينِ الدِّمْيَاطِيُّ وغَيْرُه مِنَ الحُفَاظِ وَرَدُّوا خِلاَفَ ذلكَ قالهُ شَيْخُنَا وبه تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ المُصَنِّفِ : الصَّوَابُ غَيْرُ صَوَاب . ثُمَّ قال : يا مَعْشَرَ سُلَيْمٍ لا وَاللهِ هذَا الصَّنَمُ لا يَضُرُّ ولا يَنْفَعُ ولا يُعْطِي ولاَ يَمْنَعُ . فَكَسَرَهُ ولَحِقَ بالنَّبِيِّ A عَامَ الفَتْح فقال النبيُّ A " مَا اسْمُكَ ؟ " فقال : غَاوِي بنُ عَبْدِ العُزَّى فقال : " بَلْ أَنْتَ رَاشِدُ بنُ عَبْدِ رَبِّهِ " وعَقَدَ له على قَوْمِهِ . كذَا في التَّكْملَةِ . وفي طَبَقَات ابْنِ سَعْد : وقال ابن أَبِي حَاتِمٍ : سَمَّاهُ رَاشِدَ بنَ عَبْدِ اللهِ .
وهي أَي الأُنْثَى ثَعْلَبَةٌ لا يَخْفَى أَنَّ هَذَا القَدْرَ مَفْهُومٌ مِنْ قَوْلِهِ أَو الذَّكَرُ إلخ فذِكْرُه هنا كالاسْتدْرَاكِ مع مُخَالَفَتِه لقَاعدَتِهِ وقال الأَزْهَرِيُّ : الثَّعْلَبُ الذَّكَرُ والأُنْثَى ثُعَالَةُ ج ثَعَالِبُ وثَعَالٍ عن اللِّحْيَانِيِّ قال ابنُ سِيدَه : ولا يُعْجِبُنِي قَوْلُهُ وأَمَّا سِيبَوَيْهِ فَإنَّهُ لَمْ يُجزْ ثَعَالٍ إلاَّ فِي الشِّعْرِ كَقَوْلِ رَجُلٍ مِنْ يَشْكُرَ : .
لهَا أَشَاريرُ مِنْ لَحْم تُتَمِّرُهُ ... مِنَ الثَّعَالِي ووَخْزٌ مِنْ أَرَانِيهَا وَوَجَّهَ ذلك فقال : إنَّ الشَّاعِرَ لَمَّا اضْطُرَّ إلَى اليَاءِ أَبْدَلَهَا مَكَانَ البَاءِ كما يُبْدِلُهَا مَكَانَ الهَمْزَةِ .
وَأَرْضٌ مَثْعَلَةٌ كَمَرْحَلَة ومُثَعْلِبَةٌ بِكَسْرِ : اللاَّمِ ذَاتُ ثَعَالِبَ أَي كَثِيرَتُهَا . في لسان العرب : وأَمَّا قَوْلُهُمْ : أَرْضٌ مَثْعَلَةٌ فَهُوَ مِن ثُعَالَةَ ويَجُوزُ أَنْ يَكُونَ منْ ثَعْلَب كما قالُوا مَعْقَرةُ : لأَرْضٍ كَثِيرَةِ العَقَارِبِ