ويقال : ذَبَرَ يَذْبِر بالكَسْر ذَبْراً وذَبَارَةً بالفَتْحِ : نَظَرَ فأَحْسَنَ النَّظَر . قال الصَّغَانِيُّ : هو راجعٌ إِلى مَعْنَى الإِتْقَان . وذَبَرَ الخَبَرَ : فَهِمَه . ومنه الحَدِيثُ : " أَهلُ الجَنّة خَمْسَةُ أَصْنَافٍ : منهم الَّذِي لا ذَبْرَ له " أَي لا فَهْم له من ذَبَرْتُ الكِتَابَ إِذَا فَهِمْته وأَتْقَنْتَه . وعن ابْن الأَعْرَابِيِّ : ذَبِر كفَرِحَ : غَضِبَ نَقَله الصَّغانِيّ . وثَوبٌ مُذَبَّرٌ كمُعَظَّم : مُنَمْنَمٌ يَمانِيَةٌ . ويقال : كِتَابٌ ذَبِرٌ ككَتِف : سَهْلُ القِرَاءَة . هكذا ضَبَطَه الصَّغَانيّ وصَحَّحَه وهكذا هو في سائر الأُصول والذي في المُحْكَم : كِتَابٌ ذَبْر بفَتْح فسُكُون . وأَنْشَد قَولَ صَخْرِ الغَيّ : .
فيها كِتَابٌ ذَبْرٌ لمُقْتَرِئ ... يَعرِفُه أَلْبُهُمْ ومَنْ حَشَدُوا قال : ذَبْرٌ أَي بَيِّن . أَرادَ كِتَاباً مَذْبُوراً فوضعَ المَصْدَر مَوضع المَفْعُول : وأَلْبُ القَوْم : مَنْ كان هَوَاهُ مَعَهم .
ويُقال : فُلاَنٌ ما أَحْسَنَ ما يَذْبِرُ الشِّعْرَ أَي يُمِرُّه ويُنْشِدُهُ ولا يَتَلَعْثَمْ فيه : وقال ثَعْلَب : الذَّابِرُ : المُتْقِنُ للعِلْمِ يقال : ذَبَرَه يَذْبُره . ومنه الخَبَرُ : " كان مُعَاذٌ يَذْبُرُهُ عن رَسُولِ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم " أَي يُتْقِنُه ذَبْراً وذَبَارَة . ويقال : ما أَرْصَنَ ذَبَارَتَه .
ومما يستدرك عليه : قال ابنُ الأَعْرَابِيِّ : ذَبَرَ إِذَا أَتْقَن . والذَّابِرَ : المُتْقِنُ ويُرْوَى بالدَّال وقد تَقَدَّم . وفي حَدِيث النَّجَاشِيّ " ما أُحِبّ أَنَّ لي ذَبْراً من ذَهَبٍ " أَي جَبَلاً بلُغَتِهِم ويُروَى بالدَّال وقد تَقدَّم . وفي حَدِيثِ ابْنِ جُدْعانَ : " أَنَا مُذابِرٌ " أَي ذاهِبٌ . قُلتُ : هكذا ذَكَرَه ابنُ الأَثير إِن لم يَكُن تَصْحِيفاً . وفلانٌ لاذَبْرَ له أَي لا نُطْقَ له من ضَعْفِه . وقيل : لا لِسانَ له يَتَكَلَّم به من ضَعْفِه . فتَقْدِيرُه على هذا فُلانٌ لا ذا ذَبْرٍ له أَي لا لِسان له ذا نُطْق فحَذَف المُضاف . وبه فَسَّر ابنُ الأَعرابيِّ الحَدِيثَ المُتَقدِّم في أَهْلِ الجَنَّة . والمِذْبَر : القَلَم كالمِزْبَر وسَيَأْتِي .
ذ خ ر .
ذَخَرَه كمَنَعَه يَذْخَره ذُخْراً بالضَّمّ واذَّخَرَهُ اذِّخَاراً : اخْتَارَه أَو اتَّخَذَه . وفي الأَساس : خَبَأَه لوقْتِ حاجَتِه . وفي حَدِيث الضَّحِيَّة : " كُلُوا واذَّخِرُوا " أَصله اذْتَخَرَه فثَقُلت التاءُ التي للافْتعَال مع الذّال فقُلِبتْ ذَالاً وأُدْغمَ فيها الذّال الأَصليّ فَصارَت ذالاً مُشَدَّدة ومثله الاذِّكار من الذِّكْر . وقال الزَّجَّاجُ في قوله تعالى : " تَدَّخِرون في بُيُوتِكم " أَصْلُه تَذْتَخِرُون لأَنَّ الذَّالَ حرفٌ مذكور لا يُمْكِن النَّفَس أَن يَجْرِيَ معه لشِدَّة اعتِمَاده في مَكَانِه والتاءُ مَهْمُوسَة فأُبْدِلَ مِن مَخْرَج التَّاءَ حَرْفٌ مَجْهُورٌ يُشْبِه الذَّالَ في جَهْرها وهو الدّال فصار تَدَّخِرون . وأَصْل الإِدغام أَن تُدْغِم الأَوَّلَ في الثاني . قال : ومن العرب مَنْ يقول : تَذِّخْرُون بذَالٍ مُشَدَّدَة وهو جائز والأَوَّل أَكْثَر . قال شيخُنَا : ومن الغريب ما قاله بَعْضُ شُرَّاح الرِّسالة وغَيْرُهم من الفِقَهَاءِ وبعْض أَهْلِ اللغَة : إِن الذُّخْرَ بالذَّال المُعْجَمَة ما يكون في الآخرة . وبالدَّال المُْمَلَة ما يكُون في الدُّنْيَا . وفي شرح التتائِيّ ما يَقْرُب منه . قال ابن التِّلمسانيّ في شَرْح الشِّفَاءِ : وهذا غَلَطٌ واضِحٌ أَوقَعَهُم فيه قولُه : تَدَّخِرُون ونقلَه الشِّهَاُب في شَرْح الشِّفَاِء وهو وَاضِح ومِثْلُه ما وَقَع في الدِّكر وأَنه لغَة في المُعْجَمَة اغتراراً بمُدَّكر فلا يُعْتدُّ بشيْءٍ مِن ذلك واللّه أَعلم . والذَّخِيرَة : ما ادُّخِرَ جَمْعه الذَّخَائِرُ . قال الشاعِر : .
لَعَمْرُك ما مَالُ الفَتَى بذَخِيرَةٍ ... ولكِنَّ إِخْوَانَ الصَّفَاءِ الذَّخَائِرُ