تقول : على ما هُوَ به مِنْ مَرَارَةِ الطَّعْمِ فإِن له مِن ماءِ لِينَةَ على ما هُوَ به مِن العُذُوبَةِ أَرْبَعَ شَرَبَاتٍ لأَن بقْعَاءَ حَبِيبَةٌ إِلىَّ إِذْ هِي بَلَدي ومَوْلِدِي ولِينَةُ بَغِيضَةٌ إِليَّ لأَن الذي تَزوَّجَني مِن أَهْلِها غيرُ مَأْمُونٍ عَلَيَّ . وإِنما تلك كِنايةٌ عَنْ تَشَكِّيها لهذا الرَّجُلِ حين عُنِّن عَنْهَا . وقولُها : لقد زَادَني تقول لقد زادني حُبًّا لِبَلْدَتِي بَقْعَاءَ هذِهِ أَن هذا الرجُلَ الذي تَزَوَّجَني من أَهلِ لِينَةَ عُنِّنَ عَنِّي فكانَ كالمَطِيَّةِ الظَّالِعَةِ لا تَحْمِلُ صاحِبَها وقولها : فَمَنْ مُبْلِغٌ تِرْبَيَّ البيت تقول : هَلْ مِن رَجُلٍ يُبْلِغُ صاحِبَتَيَّ بالرَّمْلِ أَنَّ بَعْلِي ضَعُفَ عَنِّي وعُنِّنَ فأَوْحَشَني ذلك إِلى أَنْ بَكَيْتُ حَتَّى قَرِحَتْ أَجفانِي فزَالَتِ المَدَامِعُ ولم يَزُلْ ذلك الجَفْنُ الدَّامِعُ قال ابنُ سِيدَه وهذه الأَبياتُ قَرَأْتُها على أَبِي العَلاءِ صاعِدِ بنِ الحَسَن في الكِتَاب المَوْسُوم بالفُصُوصِ . وَكَذَا في الحُزْنِ ولكن بِكَسْرِ ماضِيه مُرَاده أَن وَجِدَ في الحُزْن مِثْل وَجَدَ في الحُبِّ أَي ليس له إِلاَّ مَصْدَرٌ واحِدٌ وهو الوَجْدُ وإِنما يخالفه في فِعْله ففعل الحُبِّ مفتوح وفِعْل الحُزن مَكسورٌ وهو المراد بقوله : ولكن بكسرِ قال شيخنا : والذي في النصيح وغيره من الأمهات القديمة كالصحاح والعين مُخْتَصر العينِ اقتَصَرُوا فيه على الفَتْح فقط وكلامُ المصنّف صَرِيحٌ في أَنه إِنما يُقال بالكَسْرِ فقطْ وهو غَرِيبٌ فإِن الذين حَكَوْا فيه الكَسْرَ ذَكَرُوه مع الفَتْح الذي وَقَعَتْ عليه كَلِمَةُ الجماهيرِ نَعمْ حَكَى اللِّحْيَانيُّ فيه الكسْرَ والضَّمَّ في كتابِه النوادِر فظَنَّ ابنُ سِيدَه أَن الفَتْحَ الذي هو اللغةُ المشهورةُ غير مَسمُوعٍ فيه واقتصر في المُحكمِ على ذِكْرِهما فقط دون اللغَةِ المشهورةِ في الدَّوَاوِين وهو وَهَمٌ انتهى . قلت : والذي في اللسانِ : ووَجَدَ الرَّجُلُ في الحُزْنِ وَجْداً بالفتح ووَجِدَ كِلاَهُمَا عن اللِّحيانيّ : حَزِنَ فهو مُخَالِفٌ لما نَقَلُه شَيْخُنَا عن اللِّحْيَانيِّ من الكَسْرِ والضّمِّ فليتأَمَّل ثم قال شيخُنَا : وابنُ سيده خالَفَ الجُمْهُورَ فأَسْقَطَ اللُّغَةَ المشهورَةَ والمُصَنِّف خالَف ابنَ سِيدَه الذي هو مُقْتَدَاه في هذه المادَّةِ فاقتَصَر على الكَسْرِ كأَنَّه مُرَاعاةً لِرَدِيفه الذي هو حَزِنَ وعلى كُلِّ حالٍ فهو قُصُورٌ وإِخلالٌ والكَسْر الذي ذَكَرَه قد حكاه الهَجَرِيُّ وأَنشَدَ : .
فَوَاكَبِدَا مِمَّا وَجِدْتُ مِن الأَسَى ... لَدَى رَمْسِه بَيْنَ القَطِيلِ المُشَذَّب