فَصَد يَفْصِد بالكسر فَصْداً بفتح فسكون وفِصَاداً بالكسر وهذه عن الصاغاني . قال شيخُنَا : وقولُ العامةِ : الفِصَادَة بالهاءِ ليس من كلامِ العرب وافْتَصَدَ : شَقَّ العِرْقَ وهو مَفْصُودٌ وفَصِيدٌ وفَصَد النَّاقَةَ : شَقَّ عِرْقَها ليَسْتَخْرِجَ دَمَهُ فَيَشْرَبه . وقال الليثُ الفَصْد قطع العُروقِ وافتَصَد فلانٌ إذا قَطَعَ عِرْقَه فَفَصَدَ وقد فَصَدَتْ وافتَصَدَتْ . ويقال : فَصَدَ له عَطاءً أَي قَطَع له وأَمْضَاهُ يَفْصِده فَصْداً . ويُحْكَى أَنه باتَ رَجُلانِ عِنْدَ أَعْرَابِيٍّ فالْتَقَيَا صَباحاً فسأَلَ أَحدُهما صاحِبَهُ عن القِرَى لفقال : ما قُرِيتُ وإنما فُصِدَ لي فقال الرجلُ : لم يُحْرَمْ منْ فُصْدَ له بسكون الصاد فجَرَى ذلك مَثَلاً وسَكَّنَ الصادَ تَخْفِيفا كما قالوا في ضُرِب : ضُرْب وفي قُتِلَ : قُتْلَ كقول أبي النَّجْم : .
" لَوْ عُصْرَ منه البَانُ والمِسْكُ انعَصَرْ ويروى من فُزْدَ له بالزَّايِ بدلَ الصاد لأن الصَّادَ لَمَّا سَكَنَتْ ضَعُفَتْ فضارَعُوا بها الدَّال التي بعدَهَا بأَن قَلَبُوها إلى أَشْبَهِ الحُرُوف بالدَّال من مخْرَج الصَّادِ وهو الزّاي لأَنَّها مجهورةٌ كما أَنّ الدَّال مجهورةٌ فإِن تحركت الصادُ هنا لم يَجُز البدلُ فيها وذلك نحو : صَدَر وصَدَفَ لا تقولُ فيه زَدَرَ ولا زَدَفَ وذلك أَنَّ الحَرَكَةَ قَوَّت الحَرْفَ وحَصَّنَتْه فأَبْعَدَتْه من الانْقِلاب بل قد يجوز فيها إذا تَحَرَّكتْ إِشمامُها رائحةَ الزّايِ فأَما أنْ تَخْلُص زاياً وهي متحرِّكةٌ كما تَخلُص وهي ساكنة فلا وإِنَّمَا تُقَلَب الصادُ زاياً وتُشَمُّ رائحتَها إذا وقَعَتْ قبلَ الدَّالِ فإن وَقَعَتْ قبَلَ غيرِهَا لم يَجُزْ ذلك فيها وكلُّ صادٍ وقَعَتْ قبلَ الدَّال فإنه يَجُوز أَن تُشِمَّها رائحةَ الزّايِ إذا تَحَرَّكت وأَن تقلِبَهَا زاياً مَحْضاً إذا سَكَنَتْ . وبعْضُهم يقول : قُصِدَ له بالقاف أَي مَنْ أُعطِيَ قَصْداً أَي قليلاً وكلامُ العربِ بالفاءِ أَي لم يُحْرَم القِرَى منْ فُصِدَتْ له الرَّاحِلةُ فحظِيَ بِدَمِهَا . يضْرَب مَثَلاً فيمن طَلَبَ ونالَ بعضَ المَقصِدِ وقال يعقوب : والمعنى : لم يُحْرَم من أَصبابَ بعض حاجَتِهِ وإِنْ لم يَنَلْها كُلَّها . وتأْويلُ هذا : أَنَّ الرَّجُلَ كانَ يُضِيف الرَّجلَ في شِدَّةِ الزَّمانِ فلا يكونُ عنده ما يَقْرِيه ويَشِحُّ أَن يَنْحَرَ راحِلَتَه فَيَفْصِدُها فإذا خَرَجَ الدَّمُ سَخَّنَه للضَّيْفِ إلى أن يَجْمُد ويَقْوَى فيُطْعِمه إِيَّاه فجَرى المَثَلُ في هذا . وفي اللِّسان : ومِنْ أَمثالِهم في الذي يُقضَى له بعْضُ حاجَتِه دُونَ تَمامِها : لم يُحْرَمْ من فُصْدَ لهُ مأْخوذٌ من الفَصِيدِ الذي كان يُصْنَعُ في الجاهِليَّةِ ويُؤْكَل . يَقول : كما يَتَبَلَّغ المُضْطرُّ بالفَصِيدِ فاقْنَعْ أَنتَ بما ارتفع من قَضَاءِ حاجَتِكَ وإِنْ لم تُقْضُ كلُّها .
والفَصِيدُ : دَمٌ كان يُوضَعُ في الجاهلية في مِعى من فَصْدِ عِرْقِ البَعير ويُشْوَى وكان أَهلُ الجاهِليّةِ يأٍْكلُونه وتُطْعمُه الضَّيفَ في الأزْمةِ . وعن ابن كَثْوَة : الفَصِيدةُ بالهاءِ : تَمْرٌ يُعْجَنُ ويُشابُ أَي يُخْلَطُ بِدَمٍ وهو دَواءٌ يُدَاوَى به الصِّبْيانُ قاله في تفسير قولهم : ماحُرِمَ من فُصْدَ له كالفُصْدة بالضمّ . وأَفْصَدَ الشَّجَرُ وانفَصَدَ : انْشَقَّتْ عُيُونُ وَرَقِهِ وَبَدَتْ أَطرافُه . والمُنْفَصِدُ والمُتَفَصِّدُ : السائل الجارِي وانْفصدَ الشيءُ وتَفَصَّدَ : سال وفي الحديث : أَنَّ النبي A كان إذا نَزل عليه الوَحْيُ تَفَصَّد عَرَقاً . يقال : هو يَتَفَصَّدُ عَرَقاً أَي يسيلُ عَرَقاً معناه : أَي سالَ عَرَقُه تشبيهاً في كَثْرَتِه بالفِصاد . وعَرَقاً : منصوب على التمييزِ . وقال ابن شُمَيْلٍ : في الأَرض تَفْصِيدٌ من السَّيْلِ أَي تَشَقُّقٌ وتَخْدُّدٌ . وقال أبو الدُّقَيْشِ : التَّفْصِدُ . النَّقْعُ بماءٍ قَلِيلٍ . والمِفْصَد بالكسر : آلَةُ الفِصَادِ كالمِبْضَعِ .
ومما يستدرك عليه :