قال شيخنا : ولم يُفرِّقوا في الإِطلاق ولا في الضَّبط بل هو بالوجهَين في الدَّواهِي ومَنْ لا نَظير له من العقَلاءِ والفرْق بينهما من الكلام كما سيأْتي بيانُه . أَيْ لامِثْلَ له وهو أَبْلَغُ المدْحِ لأَنّه جَعلَه داهِيَةً في الدَّواهِي ومُنفرِداً في النفرِدين ففضَّله على ذوِي الفضائل لا على المطلَق مع إِبهامِ إِحدَى وأَحَد الدّال على أَنّه لا يَدرِي كُنْهَه . قال الدّمامينيّ في شرح التسهيل : الّذي ثبتَ استعمالُه في المدْح أَحَد وإِحدى مضافَين إِلى جمْعٍ من لَفظهما كأَحد وأَحدِين أَو إِلى وَصْف كأَحدِ العلماءِ ولم يُسمع في أَسماءِ الأَجناس انتهى . قال ابن الأَعرابيّ : قولهم ذاك أَحَدُ الأَحدِين أَبلغُ المدْح . ويقال : فلانٌ وَاحدُ الأَحدِين وواحدُ الآحادِ . وقولهم هذا إِحدَى الآحادِ قالوا : التأْنيث للمبالَغة بمعنَى الدّاهيةِ كذا في مجمع الأَمثال . وفي المحكم : وقوله : .
حتَّى استثارُوا بيَ إِحدى الإِحَدِ ... لَيثاً هِزَبراً ذا سِلاحِ مُعتدِي فسَّره ابن الأَعرابيّ بأَنه واحدٌ لا مِثْلَ له . والفرْق بين إِحدَى الإِحَد هذا وإِحدَى الإِحدِ السابقِ بالكلام تقول : أَتَى بإِحْدَى الإِحَدِ أَي بالأَمْرِ المُنْكَرِ العظيمِ ويقال ذلك عند تَعظيم الأَمرِ وتهويلِه ويقال فلان إِحْدى الإِحَد أَي واحدٌ لاَ نظَير له قاله ابن الأَعرابيّ فلا فَرْقَ في اللّفظ ولا في الضّبط وبه تَعلم أَنّه لا تَكرارَ لأَنّ الإِطلاقَ مختلِفٌ فهو كالمشترك لأَنّه هنا أُريدَ به العُقَلاءُ وهو غير ما أَريدَ به في الأَمْرِ المتفاقم وأَنّشوه حَمءلاً على الدّاهِية فكأَنّه قيل : هو داهِيَةُ الدَّوَاهِي . والدَّاهِيَة من الدّهَاءِ وهو العَقْل أَو ممزوجاً بمكْر وتَدبيرٍ أَو من الدّاهِيَة المعروفَة لأَنّه يُدْهِشُ مَن يُنازِلُه كذا في شروح الفصيح . قال الشِّهَاب : وظَنّ أَبو حَيَّانَ أَنَّ أَحدَ الأَحَدِينَ وَصْفُ المذكَّرِ وإِحدَى الإِحَدِ وَصْفُ المؤنَّثِ ورَدَّه الدّمامينيّ في شرْح التَّسهيل . قال في التسهيل : ولا يُستعمل إِحدَى من غير تَنْيِيف دون إِضافَةٍ وقد يقال لما يُستعظَم مَّما لا نَظيرَ له : هو إِحدَى الأَحَدِين وإِحْدَى الإِحَدِ . قال شيخنا : وهذا لعلّه أَكثرِيٌّ وإِلاّ فقد وَرَدَ في الحديث إِحدى مَن سَبْعٍ وفسّروه بلَيالِي عادٍ أَو في الفائق وغيره . قلت : وهو في حديث ابن عبّاس رضي اللّه عنهما وبُسِطَ في النهاية . وأَحدَ كسَمعَ : عَهِدَ يقال : أَحِدْتُ إِليه أَي عَهِدْت . وأَنشد الفرَّاءُ : .
" سارَ الأَحِبَّةُ بالأَحْد الّذي أَحِدُوا