فإِذا أَكلَ الجَدْيُ فهُوَ كَرِشٌ . وهذِه الجملةُ الأَخيرة نقلها الجوهَرِيّ عن أَبِي زيد . وقال ابن دُرُستويه في شرْح الفصيح : هي آلةٌ تَخْرُج من بَطْنِ الجَدْي فيها لَبَنٌ مُنْعَقِدٌ يُسمَّى اللِّبَأَ ويُغيَّر به اللّبنُ الحليبُ فيَصير جُبْناً . وقال أَبو الهَيثم : الجَفْر من أَولادِ الضَّأْن والمعز : ما قد استكرَشَ وفُطم بعدَ خمسينَ يوماً من الولادة أَو شهرينِ أَي صارَتْ إِنَفحَتُه كَرِشاً حين رَعَى النَّبْتَ . وإِنّمَا تكون إِنفَحةً مَا دَامَتْ تَرْضَع . وتفسير الجوهريّ الإِنفحةَ بالكَرِشِ سَهْوٌ . قال شيخُنا نَقلاً عن بعضِ الأَفاضِل : ويَتعيَّن أَنّ مُرادَه بالإِنفحة أَوَّلاً ما في الكَرِش وعبَّر بها عنه مجازاً لعلاقةِ المُجاورةِ . قلت : وهو مَبنيٌّ على أَنَّ بينهما فَرْقاً كما يُفيده كلامُ ابن دُرُسْتوَيْه . والظاهر أَنه لا فَرْقَ . وقال في شرْح نظْم الفصيح : الجوهريّ لم يُفسِّر الإِنفحةَ بمُطْلَق الكَرِشَ حتّى يُنْسَبَ إِلى السَّهو بل قال : هو كَرِشُ الحَمَلِ أَو الجَدْي ما لم يَأْكُل فكأَنّه يقول : الإِنفحة : المَوْضِعُ الّذي يُسَمَّى كَرِشاً بعد الأَكلِ فعبارتُه عند تحقيقها هب نفْسُ ما أَفاده المجْد . ونَسِبَتُه إِيّاه إِلى السّهو بمثلِ هذا من التَّبَجُّحَاتِ ثم قال : وقوله بعدُ : فإِذا أَكلَ فهي كَرِشٌ صريحٌ في أَنّ مُسَمَّى الإِنفَحة هو الكَرِش قَبْل الأَكل كما لا يَخفَى كالسَّجْل والكأْس والمائدة ونحوِهَا من الأَسماءِ التي تَختلف أَسماؤُهَا باختِلاَفِ أَحوالِها . والأَنَافِحُ كلُّهَا لا سيَّما الأَرنبُ من خواصِّها إِذا عُلِّقَ منها على إِبهامِ المحموم شُفِيَ مجرَّب وذكَرَه داوودُ في تذكِرته والدَّمِيرِيّ في حَياةِ الحيوان . ويقال : نِيَّةٌ نَفَحٌ محرّكَةً أَي بَعيدةٌ . والنَّفِيح كأَمِير والنِّفِّيح كَسِكِّين الأَخيرة عن كُراع والمِنْفَحُ كمنْبرٍ : الرّجُلُ المِعَنّ بكسْر الميم وفتْح العَين المهملة وتشديد النون وهو الدّاخل على القوم وفي التَهذيب : مع القَوْم وليس شأْنُه شأْنَهم . وقال ابنُ الأَعرابيّ : النَّفِيح : الذي يَجيءُ أَجْنبياً فيَدخل بَين القَوْم ويُسْمِل بينهم ويُصلِح أَمرَهم . قال الأَزهَرِيّ : هكذا جاءَ عَن ابن الأَعْرَابِي في هذا المَوضعِ النّفِيح بالحاءِ . وقال في موضعٍ آخَر : النَّفيج - بالجيم - : الذي يَعترض بيَن القَومِ لايُصلِح ولا يُفْسِد . قال : هذا قَول ثعلب . وانتفحَ به : اعْترَضَ له . وانتَفَحَ إِلى مَوضِعِ كذا : انقَلَبَ . واللّه هو النَّفّاح بالخَير وهو النّفّاع المُنْعِم على الخَلْق وهو مَجاز . قال الأَزهريّ : لم أَسمَع النَّفّاحَ في صفات اللّه تعالى التي جاءَت في القرآن والسُّنّة ولا يجوز عند أَهل العلم أَن يُوصف اللّه تعالى بما ليس في كتابه ولم يُبِّينها على لسان نَبيِّه صلّى اللّه عليه وسلّم وإِذا قيل للرّجل : إِنّه نَفّاحٌ فمعناه الكثيرُ العَطايَا . والنَّفّاحُ : زَوجُ المرأَةِ يَمانِيَة عن كُرَاع . وعن ابن السِّكّيت : النَّفيحة للقَوْس : شَطِيبةٌ من نَبْعٍ قال مُلَيحٌ الهُذليّ : .
أَنَاخُوا مُعِيدَاتِ الوَجِيفِ كأَنّهَا ... نَفَائِحُ نَبْعٍ لم تَرَيَّعْ ذَوابِلُ