يقول سكَّنوني وقال ابنُ هانئٍ يريد رَفَئوني فأَلقى الهمزَ قال : والهمزة لا تُلقى إِلاَّ في الشِّعر وقد أَلقاها في هذا البيت ومعناه أنِّي فَزِعْتُ فطارَ قلبي فضَمُّوا بَعْضي إلى بعضٍ ومنه بالرِّفاءِ والبَنينَ انتهى . وقال في موضعٍ آخر : رَفَأ أَي تزوَّج وأَصلُ الرَّفْوِ الاجتماعُ والتلاؤُمُ ونقل شيخُنا عن كتاب الياقوتة ما نصّه : في رَفَأ لغتان لمعنَيَيْنِ فمن همز كانَ معناه الالتحام والاتِّفاق ومن لم يهمز كانَ معناه الهُدُوُّ والسُّكون انتهى . قلت : واختار هذا التفرقة ابن السكِّيت وقد تقدَّمت الإشارَةُ إليه وفي حديث النبي صلّى الله عليه وسلّم أنَّه نهى أَن يُقالَ : بالرِّفاءِ والبَنينَ وإِنَّما نهى عنه كراهيةَ إحياءِ سُنَنِ الجاهلية . لأنَّه كانَ من عادتهم ولهذا سُنَّ فيه غيرُه وفي حديث شُرَيْحٍ قال له رجلٌ : قد تزوَّجت هذه المرأة قال : بالرِّفاءِ والبَنينَ . وفي حديث بعضهم أنَّه كانَ إِذا رَفَّأَ رجلاً قال : بارَكَ اللهُ عليك وبارك فيكَ وجمع بينَكُما في خَيْرٍ . ويُهمزُ الفِعْلُ ولا يهمز وفي حديث أُمِّ زَرْعٍ : كنتُ لك كأَبي زَرْعٍ لأُمِّ زَرْعٍ في الأُلفَةِ والرِّفاءِ . واليَرْفَئِيُّ كاليَلْمَعِيِّ : المُنْتَزَعُ القلبِ فَزَعاً وخوفاً وهو أيضاً راعي الغَنَم وهو العبد الأَسود الآتي ذكره واليَرْفَئِيُّ في قولِ امرئِ القيسِ الظَّليمُ النَّافِرُ الفَزِعُ قال : .
كأَنِّي ورَحْلِي والقِرابَ ونُمْرُقِي ... على يَرْفَئِيٍّ ذي زَوائِدَ نِقْنِقِ واليَرْفَئِيُّ : الظَّبيُ لنشاطه وتدارُكِ عَدْوِه والقَفوز أَي النفورُ المُوَلِّي هَرَباً واسمُ عبدٍ أَسوَدَ سِنْدِيٍّ قال الشاعر : .
كأَنَّه يَرْفَئِيٌّ باتَ في غَنَمٍ ... مُسْتَوْهِلٍ في سَوادِ اللَّيْلِ مَذْؤُوب ويَرْفَأُ كيَمْنَعُ : مولى عمر بن الخطَّابِ Bه يقال إنَّه أَدركَ الجاهليَّة وحجَّ في عمر في خلافة أَبي بكرٍ Bهما وله ذِكرٌ في الصَّحيحين وكان حاجِباً على بابه . والتركيب يدلُّ على مُوافقَةٍ وسُكونٍ ومُلاءَمَةٍ .
ر ق أ .
رَقَأَ الدَّمعَ كجعَلَ وكذا يَرْقَأُ رَقْأً بالفتح ورُقوءاً بالضَّمِّ : جفَّ أَي الدَّمع قاله ابن دُرُستَويه وأَبو عليٍّ القالي وسَكَن أَي العَرَقُ فسَّره الجوهريّ وابنُ القوطيَّة وانقَطَعَ فيهما كذا في الفَصيح وأَرقأَهُ الله تعالى : سكَّنَه وفي حديث عائشة Bها : فبِتُّ لَيْلَتي لا يَرْقَأُ لي دمعٌ . والرَّقوءُ كصبُورٍ : ما يُوضعُ على الدَّمِ ليَرْقِئَهُ مبنيًّا للمعلوم من باب الإفعال كذا في نسختنا وهو الصحيح وفي نسخةٍ ليَرْقَأَه ثلاثيًّا وهو خَطَأٌ أَي ليقطَعه ويُسكِّنَه وقولُ أَكْثَمَ بالمثلَّثة ابنُ صَيْفِيٍّ أَحد حُكماءِ العرب وحُكَّامِها اختُلف في صُحْبته وفي شُروح الفَصيح أَنَّه قول قيسِ بن عاصمٍ المِنْقَرِيِّ في وصيَّةِ ولَدِهِ وهو صحابيٌّ اتّفاقاً وفي وصيَّة كتب بها إلى طَيِّئٍ : لا تَسُبُّوا الإبلَ فإنَّ فيها رَقوءَ الدَّمِ ومهْرَ الكريمَةِ وبأَلبانِها يُتْحَف الكَبيرُ ويُغَذَّى الصغيرُ ولو أنَّ الإبلَ كُلِّفَت الطَّحْنَ لطَحَنَتْ أَي أنَّها تُعطى في الدِّيَاتِ بدَلاً من القَوَدِ فتُحقَنُ بها الدِّماءَ أَي يسكُن بها الدَّمُ وقال القزَّاز في جامع اللغة : أَي تُؤخذُ في الدِّيات فتمنَعُ القَتْلِ وقال مفضل الضبِّي : .
من اللاَّئِي يَزِدْنَ العَيْشَ طِيباً ... وتَرْقَأُ في مَعاقِلِها الدِّماءُ