فجعلَ المَيْتَ كالمَيِّتِ . وفي التَّهْذِيب : قال أَهلُ التَّصْرِيف : مَيِّتٌ كأَنَّ تَصْحِيحَه مَيْوِتٌ على فَيْعِل ثم أَدْغَمُوا الواوَ في الياءِ قال : فَرُدَّ علَيْهِم وقِيل : إِنْ كان كما قُلْتُم فيَنْبَغِي أَن يكونَ مَيِّتٌ على فَعِّل فقالوا : قد عَلمنا أَنَّ قياسَه هذا ولكِنّا تَركْنا فيه القياسَ مَخافَةَ الاشتباهِ فردَدْناه إلى لَفْظِ فَيْعِل ؛ لأَنّ ميِّت على لَفْظِ فَيْعِل وقال آخرون : إِنّما كان في الأَصْل مَويِت مثل سيِّدٍ وسَوْيِدٍ فأَدْغَمْنا الياءَ في الواو ونَقَلْناه فقُلْنا : مَيِّت . وقال بعضهم : قيل : مَيْتٌ ولم يَقُولوا : مَيِّتْ ؛ لأَنَّ أَبنيةَ ذَواتِ العِلَّة تُخالِفُ أَبنيةَ السَّالِم . وقال الزجّاج : المَيْتُ : المَيِّتُ بالتّشديد إِلا أَنَّه يُخَفَّف يقال : مَيْتٌ ومَيِّتٌ والمعنى واحد ويَستَوِى فيه المذكَّرُ والمُؤَنَّث قال تعالى : " لنُحْيِىَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً " ولم يَقُل مَيْتَةً انتهى . وقال شَيْخُنا - بعد أَن نَقَلَ قولَ الخليلِ عن أَبي عَمْرو - ما نصُّه : وعلى هذه التَّفْرِقةِ جماعةٌ من الفُقَهاءِ والأُدباءِ وعندِي فيه نَظَرٌ ؛ فإِنهم صَرّحوا بأَنّ المَيْتَ مخفَّفَ الياءِ مأْخُوذٌ ومُخَفَّفٌ من المَيِّتِ المُشَدّد وإِذا كان مأْخُوذاً منه فكيف يُتَصَوَّرُ الفرقُ فيهما في الإِطْلاقِ حتَّى قال العَلاّمة ابن دِحْيَة في كتاب التَّنْوِير في مولِد البَشِير النَّذِيرِ : بأَنَّه خطأٌ في القياسِ ومُخالِفٌ للسّماع أَما القياسُ : فإِن " مَيْت " المُخَفَّفَ إِنما أَصْلُه ميِّتٌ المُشَدّد فخُفِّف وتَخفيفهُ لم يُحْدِث فيه مَعْنىً مخالفِاً لمعناه في حالِ التَّشْديدِ كما يقال : هَيْنٌ وهيِّن ولَيْنٌ ولَيِّن فكما أَن التَّخْفِيفَ في هيِّن ولَيِّنٍ لم يُحِلْ معناهما كذلك تخفيفُ مَيِّتٍ . وأَما السَّماع فإِنّا وَجَدْنا العربَ لم تَجْعَل بينَهُما فَرْقاً في الاستعمالِ ومن أَبْيَنِ ما جاءَ في ذلك قَوْلُ الشّاعر : .
لَيْسَ منْ ماتَ فاسْتَراحَ بِمَيْت ... إِنّما المَيْتُ مَيِّتُ الأَحْياءِ وقال آخر : .
أَلا يَا لَيْتَنِي والمَرْءُ مَيْتُ ... وما يُغْنِى عن الحَدَثانِ لَيْتُ