غير هذا المكان على البراهمة في كتابنا هذا بما يكفي وقد رددنا الكلام أيضا في بيان بطلانه في غير ما موضع من كتابنا وفي باب الكلام على من أبطل القدر من المعتزلة في كتابنا هذا والحمد الله رب العالمين ويكفي من بطلان هذا الأصل الفاسد أن يقال لهم ان طردتم هذا الأصل وقعتم في مثل ما أنكرتم ولا فرق وهو أن الحكيم العدل الرحيم على أصلكم لا يخلق من يعرضه للمعصية حتى يحتاج الى افساده بالعذاب بعد اصلاحه وقد كان قادرا على أن يطهر كل نفس خلقها ولا يعرضها للفتن ويلطف بها الطافا فيصلحها بها حتى تستحق كلها إحسانه والخلود في النعيم وما كان ذلك ينقص شيئا من ملكه فإن كان عاجزا عن ذلك فهذه صفة نقص ويلزم حاملها أن يكون من أجل نقصه محدثا مخلوقا فإن طردوا هذا الاصل خرجوا الى قول المانوية في أن للأشياء فاعلين وقد تقدم أبطالنا لقولهم وبالله تعالى التوفيق وبينا أن الذي لا آمر فوقه ولا مرتب عليه فان كل ما يفعله فهو حق وحكمة واذ قد تعلق هؤلاء القوم بالشريعة أن كل قول لم يأت عن نبي تلك الشريعة فهو كذب وفرية فإذ لم يأت عن أحد من الأنبياء عليهم السلام القول بتناسخ الأرواح فقد صار قولهم به خرافة وكذبا وباطلا وبالله تعالى التوفيق .
فصل في الكلام على من أنكر الشرائع من المنتمين الى الفلسفة بزعمهم وهم أبعد الناس عن العلم بها جملة .
قال أبو محمد Bه نبين في هذا الفصل بحول الله تعالى وقوته وجوب صحة الشرائع على ما توجبه أصول الفلاسفة على الحقيقة أولهم عن آخرهم على أختلاف أقوالهم في غير ذلك إن شاء الله تعالى .
قال أبو محمد Bه الفلسفة على الحقيقة انما معناها وثمرتها والغرض المقصود نحوه بتعلمها ليس هو شيئا غير اصلاح النفس بأن تستعمل في دنياها الفضائل وحسن السيرة المؤدية الى سلامتها في المعاد وحسن السياسة للمنزل والرعية وهذا نفسه لا غيره هو الغرض في الشريعة هذا ما لا خلاف فيه بين أحد من العلماء بالفلسفة ولا بين أحد من العلماء بالشريعة فيقال لمن انتمى الى الفلسفة بزعمه وهو ينكر الشريعة بجهله على الحقيقة بمعاني الفلسفة وبعده عن الوقوف على غرضها ومعناها أليست الفلسفة بإجماع من الفلاسفة مبينة للفضائل من الرذائل موقفة على البراهين المفرقة بين الحق والباطل فلا بد من نعم وضرورة فيقال له اليس الفلاسفة كلهم قد قالوا صلاح العالم بشيئين أحدهما باطن والآخر ظاهرفالباطن هو استعمال النفس للشرائع الزاجرة عن تظالم الناس وعن القبائح والظاهر هو التحصين بالاسوار واتخاذ السلاح لدفع العدو الذي يريد ظلم الناس والأفساد ثم أضافوا الى إصلاح النفوس بما ذكرنا اصلاح الأجساد بالطب فلا بد من نعم ضرورة فيقال لهم فهل صلاح العالم وانكفاف الناس عن القتل الذي فيه فناء الحلق وعن الزنا الذي فيه فساد النسل وحراب المواريث وعن الظلم الذي فيه الضرر على الأنفس والأموال وحراب الأرض وعن الرذائل من