المسألة وهكذا عرض لنا سواء مع المخالفين لنا في القياس المدعين لتصحيحه فإنهم ايضا أحد رجلين أما جاهل بقولنا فهو يقولنا ما لا نقوله ويتكلم في غير ما اختلفنا فيه وأما مكابر ينسب إلينا ما لا نقوله مباهتة وجراءة على الكذب وعجزا عن معارضة الحق من أننا ننكر اشتباه الأشياء وأننا ننكر قضايا العقول وأننا ننكر استواء حكم الشيئين فيما أوجبه هما ما اشتبها فيه وهذا كله كذب علينا بل نقر بذلك كله ونقول به وإنما ننكر أن نحكم في الدين لشيئين بتحريم أو إيجاب أو تحليل من أجل أنهما اشتبها في صفة من صفاتهما فهذا هو الباطل البحت والحمد لله رب العالمين على عظيم نعمه .
ونقول على هذا السؤال الذي سألونا عنه أننا لم نرفع النهاية عن الأجسام كلها من طريق المساحة بل نثبتها ونعرفها ونقطع على أن كل جسم فله أبدا مساحة محدودة ولله الحمد وأنما نفينا النهاية عن قدرة الله تعالى على قسمة كل جزء وأن دق وأثبتنا قدرة الله تعالى على ذلك وهذا هو شيء غير المساحة ولم يتكلف القاطع بالمشي أو بالذرع أو بالعمل قسمة ما قطع ولا تجزئته وإنما تكلف عملا أو مشي في مساحة معدودة بالميل أو بالذراع والشبر أو الاصبع أو ما أشبه ذلك وكل هذا له نهاية ظاهرة وهذا غير الذي نفينا وجود النهاية فيه فبطل إلزامهم والحمد لله كثيرا ثم نعكس هذا الاعتراض عليهم فنقول لهم وبالله تعالى التوفيق نحن القائلون بأن كل جسم فله طول وعرض وعمق وهو محتمل للانقسام والتجزيء وهذا هو إثبات النهاية لكل جزء انقسم الجسم إليه من طريق المساحة ضرورة وأنتم تقولون أن الجسم ينقسم إلى أجزاء ليس لشيء منها عرض ولا طول ولا عمق ولا مساحة ولا يتجزأ وليست أجساما وأن الجسم هو تلك الأجزاء نفسها ليس هو شيء غيرها أصلا وأن تلك الأجزاء ليس لشيء منها مساحة فلزمكم ضرورة إذ الجسم هو تلك الأجزاء وليست أجساما وأن الجسم هو تلك الأجزاء وليس هو غيرها وكل جزء من تلك الأجزاء لا مساحة له أن الجسم لا مساحة له وهذا أمر يبطله العيان وإذا لم تكن له مساحة والمساحة هي النهاية في ذرع الأجسام فلا نهاية لما قطعه القاطع من الجسم على قولهم وهذا باطل والاعتراض الثاني أن قالوا لا بد أن يلي الجرم من الجرم الذي يليه جزء ينقطع ذلك الجرم فيه قالوا وهذا إقرار بجزء لا يتجزأ .
قال أبو محمد وهذا تمويه فاسد لأننا لم ندفع النهاية من طريق المساحة بل نقول أن لكل جرم نهاية وسطحا ينقطع تماديه عنده وأن الذي ينقطع به الجرم إذا جزئ فهو متناه محدود ولكنه محتمل للتجزيء أيضا وكل ما جزئ فذلك الجزء وهو الذي يلي الجرم الملاصق له بنهايته من جهته التي لاقاه منها لا ما ظنوا من أن أحد الجرم جزء منه وهو وحده الملاصق للحرم الذي يلاصقه بل هو باطل بما ذكرنا لكن الجزء وهو الملاصق للجرم بسطحه فإذا جزئ كان الجزء الملاصق للجرم بسطحه هو الملاصق حينئذ بسطحه لا الذي خر عن ملاصقته وهكذا بدا والكلام في هذا كالكلام في الذي قبله ولا فرق والاعتراض الثالث أن قالوا هل ألف أجزاء الجسم إلا الله تعالى فلا بد من نعم قالوا فهل بقدر الله على تفريق أجزاء حتى لا يكون فيها شيء من التأليف ولا تحتمل ذلك الأجزاء التجزيء أم لا يقدر على ذلك قالوا فإن قلتم لا يقدر عجزتم ربكم تعالى وإن قلتم يقدر فهذا إقرار منكم بالجزء الذي لا يتجزأ .
قال أبو محمد هذا هو من أقوى شبهم التي شغبوا بها وهو حجة لنا عليهم والجواب أننا نقول لهم وبالله تعالى التوفيق أن سؤالكم سؤال فاسد وكلام فاسد ولم تكن قط أجزاء العالم متفرقة ثم جمعها الله D ولا كانت له أجزاء مجتمعة ثم فرقها الله D لكن الله D خلق العالم بكل ما فيه بأن قال له كن فكان أو بان قال لكل جرم منه إذا أراد خلقه كن فكان ذلك الجرم ثم أن الله تعالى