ولا سمعا ولا فصاحة ولا فساد للثمار ولا صلاحها وإن كل ذلك فعل الأجسام التي وجدت فيها هذه الأعراض بطباعها فأعملوا أن هذا الفاسق قد أخرج نصف العالم عن خلق الله تعالى لأنه ليس للعالم شيء إلا الجواهر الحاملة والأعراض المحمولة فقط فالنصف الواحد عنده غير مخلوق لعنه الله من مكذب لله تعالى في نص قوله تعالى خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وقد عورض معمر بهذه الآية فقال إنما أراد انه خلق الأماتة والأحياء وذكر عنه أنه كان ينكر أن يكون الله D عالما بنفسه وذلك لأن العالم إنما يعلم غير مولا يعلم نفسه وكان يزعم أن النفس ليست جسما ولا عرضا ولا هي في مكان أصلا ولا تماس شيئا ولا تباينه ولا تتحرك ولا تسكن .
قال أبو محمد وهذا قول أهل الإلحاد محضا بلا تأويل بعني القائلين منهم بقدم النفس وأنها الخالقة للإنسان نعوذ بالله من الضلال وكان يقول أن الله تعالى لا يعلم نفسه ولا يجهلها لأن العالم غير المعلوم ومحال أن يقدر على الموجودات أو أن يعلمها وأن يجهلها وقال أبو العباس عبد الله بن محمد الأنباري المعروف بالناشيء ولقبه شرسير في كتابه في المقالات وأن الله تعالى عن كفره لا يقدر على أن يسوي بنان الإنسان بعد أن سبق في علمه أنه لا يسويها .
قال أبو محمد وهذا تكذيب محض لله تعالى في قوله أيحسب الإنسان أن لن نجمع عظامه بلى قادرين على أن نسوي بنانه ورأيت للجاحظ في كتابه البرهان لو أن سائلا سأله وقال أيقدر الله على أن يخلق قبل الدنيا دنيا أخرى فجوابه نعم بمعنى أنه يخلق تلك الدنيا حين خلق هذه فتكون مثل هذه .
قال أبو محمد هذا تعجيز منه للباري تعالى كما قدمنا إذ لم تحصل له تعالى قدرة على خلق دنيا قبل هذه إلا على الوجه الذي ذكره وأما على غيره فلا فإن قيل كيف تجيبون قلنا جوابنا نعم على الإطلاق فإن قيل لنا كيف يصح هذا السؤال وأنتم تقولون أنه لا يجوز أن يقال أن قبل العالم شيئا لأن قيل وبعده من الزمان ولا زمان هنالك قلنا معنى قولنا نعم أي أنه تعالى لم يزل قادرا على أن يخلق عالما ولو خلقه لكان له زمان قبل زمان هذا العالم وهكذا أبدا وبالله تعالى التوفيق وأما ضرارا بن عمر فإنه كان يقول أن ممكنا أن يكون جميع من في الأرض ممن يظهر الإسلام كفارا كلهم في باطن أمرهم لأن كل ذلك جائز على كل واحد منهم في ذاته ومن حماقات ضرار أنه كان يقول أن الأجسام إنما هي أعراض مجتمعة وإن النار ليس فيها حر ولا في الثلج برد ولا في العسل حلاوة ولا في الصبر مرارة ولا في العنب عصير ولا في الزيتون زيت ولا في المعروف دم وإن كان ذلك إنما يخلقه الله D عند القطع والذوق والعصر واللمس فقط وأما أبو عثمان عمرو بن الجاحظ القصري الكناني صليبة وقيل بل هو مولى وهو تلميذ النظام وأحد شيوخ المعتزلة فإنه كان يقول أن الله تعالى لا يقدر على إفناء الأجسام البتة إلا أن يرفقها ويفرق أجزائها فقط وأما إعدامها فلا يقدر على ذلك أصلا وأما أبو معمر وثمامة بن أشرس النميري صليبة بصرى أحد شيوخ المعتزلة وعلمائهم فذكر عنه أنه كان يقول أن العالم فعل الله D بطباعه تعالى الله عن هذا الكفر الشنيع علوا كبيرا وكان يزعم أن المقلدين من اليهود والنصارى والمجوس وعباد الأوثان لا يدخلون النار يوم القيامة لكن يصيرون ترابا وإن كل من مات من أهل الإسلام والإيمان المحض والإجتهاد في العبادة مصرا على كبيرة من الكبائر كشرب ا لخمر ونحوها وإن كان لم يواقع ذلك إلا مرة