لا يأكلون ولا يشربون ولا يطئون بعد هذا أبدا وكان يزعم أيضا لما يعلمه D آخر أو نهاية وكلا لا يعلم الله شيئا سواه وأدعى قوم من المعتزلة أنه تاب عن هذه الطوام الثلاث .
قال أبو محمد وهذا لا يصح وإنما دعوا ذلك حياء من هذه الكفرات الصلح لإمامهم إمام الضلالة وذكر عن أبي الهذيل أيضا أنه قال أن الله D ليس خلافا لخلقه والعجب أنه مع هذه الأقدام العظيم بنكر النشبية وهذا عين النشبية لأنه ليس إلا خلاف أو مثل أو ضد فإذا بطل أن يكون خلافا وضد فهو مثل ولا بد تعالى الله عن هذا علوا كبيرا أو كان أبو الهذيل يقول إن الله لم يزل عليما وكان ينكر أن يقال أن الله لم يزل سميعا بصيرا .
قال أبو محمد وهذا خلاف القرآن لآن الله D قال وكان الله سميعا بصيرا كما قال وكان الله عليما حكيما وكلهم قال أن الله تعالى لم يزل يعلم أن من مات كافرا فإنه لا يؤمن أبدا وأنه تعالى حكم وقال أن أبا لهب وامرأته سيصليان النار كافرين ثم قطعوا كلهم بأن أبا لهب وامرأته كانا قادرين على الإيمان على أن لا تمسهما النار وأنهما كان ممكنا لها تكذيب الله D إنهما كانا قادرين على إبطال علم الله D وعلى أن يجعلاه كاذبا في قوله هذا نص قولهم بلا تأويل قال وكان إبراهيم بن سيار النظام أو إسحاق البصري مولى بني بحير بن الحارث بن عباد الضبعي أكبر شيوخ المعتزلة ومقدمة علمائهم يقول أن الله تعالى لا يقدر على ظلم أحد أصلا ولا على شيء من الشر وأن الناس يقدرون على كل ذلك وأنه تعالى لو كان قادرا على ذلك لكنا لا نأمن أن يفعله أو أنه قد فعله فكان الناس عنده أتم قدرة من الله تعالى وكان يصرح بأن الله تعالى لا يقدر على إخراج أحد من جهنم ولا إخراج أحد من أهل الجنة عنها ولا على طرح طفل من جهنم وأن الناس وكل واحد من الجن والملائكة يقدرون على ذلك فكان الله D عنده أعجز من كل ضعيف من خلقه وكان كل أحد من الخلق أتم قدرة من الله تعالى وهذا الكفر المجرد الذي نعوذ بالله منه ومن العجب إتفاق النظام والعلاف شيخي المعتزلة على أنه ليس يقدر الله تعالى من الخير على أصلح ما عمل فاتفقا على أن قدرته على الخير متناهية ثم قال النظام أنه تعالى لا يقدر على الشر جملة فجعله عديم قدرة على الشر عاجزا عنه وقال العلاف بل هو قادر على الشر جملة فجعل ربه متناهي القدرة على الخير وغير متناهي القدرة على الشر فهل سمع بأخبث صفة من الصفة التي وصف بها العلاف ربه وهل في الموصوفين أخبث طبيعة من الموصوف الذي ادعى العلاف أنه ربه ونعوذ بالله مما ابتلاهم به وأما أبو المعتمر معمر بن عمر والعطار البصري مولى بني سليم أحد شيوخهم وأثمنهم فكان يقول بأن في العالم أشياء موجودة لا نهاية لها ولا يحصيها الباري تعالى ولا أحد أيضا غيره ولا لها عنده مقدار ولا عدد وذلك أنه كان يقول أن الأشياء تختلف بمعان فيها وأن تلك المعاني تختلف بمعان أخر فيها وتلك المعاني تختلف بمعان أخر فيها وهكذا بلا نهاية أيضا تكذيب واضح لله تعالى في قوله وكل شيء عنده بمقدار وفي قوله تعالى وأحصى كل شيء عددا ووافقه الدهرية في قولهم بوجود أشياء لا نهاية لها وعلى هذا طلبته المعتزلة وبالبصرة عند السلطان حتى فر إلى بغداد ومات بها مختفيا عند إبراهيم بن السيد بن شاهك بو وكان معمر أيضا يزعم أن الله D لم يخلق شيئا من الألوان ولا طولا و لا عرضا ولا طعما ولا رائحة ولا خشونة ولا إملاسا ولا حسنا ولا قبيحا ولا صوتا ولا قوة ولا ضعفا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا ولا مرضا ولا صحة ولا عافية ولا سقما ولا عمى ولا بكما ولا بصرا