قبل الاستدلال فإن قالوا بل لا يجزيه إلا حتى يوقن أنه قد وقع على دليل لا يمكن الاعتراض فيه تكلفوا ما ليس في وسع أكثرهم وما لا يبلغه إلا قليل من الناس في طويل من الدهر وكثير من البحث ولقد درى الله تعالى أنهم أصفار من العلم بذلك يعني أهل هذه المقالة الملعونة الخبيثة .
قال أبو محمد ومن البرهان الموضح لبطلان هذه المقالة الخبيثة أنه لا يشك أحد ممن يدري شيئا من السير من المسلمين واليهود والنصارى والمجوس والمانية و الدهرية في أن رسول الله A مذ بعث لم يزل يدعو الناس الجماء الغفير إلى الإيمان بالله تعالى وبما أني به ويقاتل من أهل الأرض من يقاتله ممن عند ويستحل سفك دمائهم وسبى نسائهم وأولادهم وأخذ أموالهم متقربا إلى الله تعالى بذلك وأخذ الجزية وأصغاره ويقبل ممن آمن به ويحرم ماله ودمه وأهله وولده ويحكم له بحكم الإسلام وفيهم المرأة البدوية والراعي الراعية والغلام الصحراوي والوحشي والزنجي والمسبيء والزمجية المجلوبة والرومي والرومية والأغثر الجاهل والضعيف في فهمه فما منهم أحد ولا من غيرهم قال عليه السلام أني لا أقبل إسلامك ولا يصح لك دين إلا حتى تستدل على صحة ما أدعوك إليه .
قال أبو محمد لسنا نقول أنه لم يبلغنا أنه عليه السلام قال ذلك لأحد بل نقطع نحن وجميع أهل الأرض قطعا كقطعنا على ما شهدناه أنه عليه السلام لم يقل قط هذا لأحد ولا رد إسلام أحد حتى يستدل ثم جرى على هذه الطريقة جميع الصحابة Bهم أولهم عن آخرهم ولا يختلف أحد في هذا الأمر ثم جميع أهل الأرض إلى يومنا هذا ومن المحال الممتنع عند أهل الإسلام أن يكون عليه السلام يغفل أن يبين الناس ما لا يصح لأحد الإسلام إلا به ثم يتفق على إغفال ذلك أو تعمد عدم ذكره جميع أهل الأسلام ويبينه لهم هؤلاء الاشقياء ومن ظن أنه وقع من الدين على ما لا يقع عليه رسول الله A فهو كافر بلا خلاف فصح أن هذه المقالة خلاف للاجماع وخلاف لله تعالى ولرسوله A وجميع أهل الإسلام قاطبة فإن قالوا فما كانت حاجة الناس إلى الآيات المعجزات وإلى احتجاج الله D عليهم بالقرآن واعجازه به وبدعاء اليهود إلى تمني الموت ودعاء النصارى إلى المباهلة وشق القمر قلنا و بالله تعالى التوفيق أن الناس قسمان قسم لم تسكن قلوبهم إلى الإسلام ولا دخلها التصديق فطلبوا منه عليه السلام البراهين فأراهم المعجزات فانقسموا قسمين طائفة آمنت وطائفة عندت وجاهرت فكفرت وأهل هذه الصفة اليوم هم الذين يلزمهم طلب الاستدلال فرضا ولا بد كما قلنا وقسم آخر وفقهم الله تعالى لتصديقه عليه السلام وخلق