أراد كون كفرهم الذي هو ضد الهدى وقال تعالى ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها ولكن حق القول مني لأملأن جهنم من الجنة الناس أجمعين .
قال أبو محمد هذا غاية البيان في أنه تعالى لم يشأ هدى الكفار لكن حق قوله بأنهم لا بد من أن يكفروا فيكونوا من أهل جهنم وقال تعالى من يشأ الله يضلله ومن لم يشأ يجعله على صراط مستقيم فأخبر تعالى أنه شاء أن يضل من أضله وشاء أن يهدي من جعله على صراط مستقيم وهم بلا شك غير الذين لم يجعلهم على صراط مستقيم وأراد فتنتهم وأن لا يطهر قلوبهم وأن يكونوا من أصحاب النار نعوذ بالله من ذلك وقال تعالى حاكيا عن إبراهيم E أنه قال لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين فشهد الخليل عليه السلام أن من لم يهده الله تعالى ضل وصح أن من ضل فلم يهده الله D ومن لم يهده الله وهو قادر على هداه فقد أراد ضلاله وإضلاله ولم يرد هداه وقال تعالى ولو شاء الله ما أشركوا فصح يقينالا اشكال فيه ان الله تعالى شاء ان يشركوا اذنص على انه لو شاء ان لا يشركوا ما اشركوا أو قال تعالى يوحى بعضهم الى بعض زخرف القول غرور و لو شاء ربك ما فعلوه وهذا نص على انه تعالى شاء ان يفعلوه اذ أخبر انه لو شاء ان لا يفعلوه ما فعلوه وقال تعالى وكذلك زين لكثير من المشركين قتل اولادهم شركاؤهم ليردهم وليلبسوا عليهم دينهم ولو شاء الله ما فعلوه فنص تعالى على انه لو لم يشا ان يوحى بعضهم الى بعض زخرف القول غرورا ما اوحوه ولو شاء ان لا يلبس بعضهم دين بعض وان لا يقتلوا اولادهم ما لبس عليهم دينهم ولا قتلوا اولادهم فصح ضرورة انه تعالى شاء ان يلبس دين من التبس دينه واراد كون قتلهم أولادهم وان يوحى بعضهم الى بعض زخرف القول غرورا وقال تعالى ولو شاء الله لسلطهم عليهم فصح يقينا انه تعالى سلط ايدي الكفار على من قتلوه من الانبياء والصالحين وقال تعالى فمن يرد الله ان يهدية يشرح صدرة للاسلام ومن يرد ان يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء فنص على انه يريد هدى قوم فيهديهم ويشرح صدورهم للايمان ويريد ضلال آخرين فيضلهم بان يضيق صدورهم ويحرجها فكأنهم كلفوا الصعود الي السماء فيكفروا وقال تعالى وأصبر وما صبرك الا بالله فنص تعالى على ان من صبر فصبره ليس الا بالله فصح ان من صبر فان الله أتاه الصبر ومن لم يصبر فان الله عزوجل لم يؤته الصبر وقال تعالى ولا تنازعوا فنهانا عن الاختلاف وقال تعالى ولو شاء ربك لجعل الناس امة واحدة ولا يزالون مختلفين الا من رحم ربك ولذلك خلقهم فنص تعالى انه خلقهم للاختلاف الا من رحم الله منهم ولو شاء لم يختلفوا فصح يقينا ان الله خلقهم لما نهاهم عنه من الاختلاف واراد كون الاختلاف منهم وقال عزوجل تؤتى الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير انك على كل شئ قدير وقال تعالى بعثنا عليكم عبادا لنا أولى باس شديد فجاسوا اخلال الديار وكان وعدا مفعولا الى قوله تعالى وليدخلوا المسجد كما دخلوه اول مرة فنص تعالى على انه اغرى الكفار وسلب المؤمنين في الملك وانه بعث اولئك الذين دخلوا المسجد ودخوله مسخط لله تعالى بلاشك فصح يقينا انه تعالى خلق كل ذلك وأراد كونه وقال عزوجل الم اتر الى الذي حاج ابراهيم في ربه ان آتاه الله الملك فهذا نص جلى على ان الله اتي ذلك الكافر فصح يقينا ان الله